وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْمُقَرِّ لَهُ مَوْقُوفَةٌ، فَإِذَا قَضَى الْقَاضِي بِالْبَيِّنَةِ لِلْمُوصَى لَهُ الْآخَرِ فَقَدْ جَرَى تَمْلِيكٌ فِيمَا انْعَقَدَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ الْمَوْقُوفُ، فَبَطَلَ الْعَقْدُ الْمَوْقُوفُ، كَمَا لَوْ بَاعَ عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ بَاعَهُ الْبَائِعُ مِنْ آخَرَ بَطَلَ الْعِتْقُ، كَذَلِكَ هَذَا. وَلَيْسَ كَذَلِكَ مَسْأَلَةُ الدَّيْنِ، لِأَنَّ الْغُرَمَاءَ لَا يَمْلِكُونَ التَّرِكَةَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْإِبْرَاءِ، وَإِنَّمَا يَمْلِكُهُ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَوْتِ فَالْإِبْرَاءُ عَنْ الدَّيْنِ لَمْ يَجْرِ تَمْلِيكٌ فِيمَا انْعَقَدَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ الْمَوْقُوفُ، فَجَازَ أَنْ لَا يَبْطُلَ الْعَقْدُ الْمَوْقُوفُ، وَإِذَا لَمْ يَبْطُلْ الْعَقْدُ، وَلَكِنَّهُ امْتَنَعَ نَفَاذُ عِتْقِهِ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ فَإِذَا أَبْرَءُوا زَالَ الْمَانِعُ مِنْ نُفُوذِ عِتْقِهِ فَنَفَذَ.
وَوَجْهٌ آخَرُ: أَنَّهُ اسْتَحَقَّ مَا بِهِ نُفُوذُ الْعِتْقِ، لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ بِالْوَصِيَّةِ، وَإِذَا قُضِيَ بِالْوَصِيَّةِ لِغَيْرِهِ بَطَلَ عِتْقُهُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ بَائِعِهِ قَبْلَ شِرَائِهِ، بَطَلَ عِتْقُ الْأَوَّلِ، كَذَلِكَ هَذَا.
وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الدَّيْنِ لَمْ يَسْتَحِقَّ مَا بِهِ نُفُوذُ الْعِتْقِ، لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَمْ يُبْطِلْ الْوَصِيَّةَ وَإِنَّمَا حَكَمَ بِالدَّيْنِ، وَالدَّيْنُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ، فَامْتَنَعَ نَفَاذُ الْعِتْقِ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ، وَإِذَا زَالَ حَقُّ الْغَيْرِ نَفَذَ ذَلِكَ الْعِتْقُ.
٦١٤ - وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا هَلَكَ وَلَهُ ابْنٌ فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا لِأَبِيهِ، وَأَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الِابْنُ جَعَلْته خَصْمًا وَقَضَيْت بِإِثْبَاتِ الْوَلَاءِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute