وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ ابْنٌ لِأَبِيهِ وَلَمْ يَدَّعِ الْمِيرَاثَ، وَأَرَادَ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ الِابْنَ يَخْلُفُ الْأَبَ فِي الْوَلَاءِ، وَيَقُومُ مَقَامَهُ، وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ أَعْتَقَ الْعَبْدَ فَلَا يُجْعَلُ كَأَنَّ غَيْرَهُ أَعْتَقَ، وَانْتَقَلَ إلَيْهِ، لِأَنَّ الْوَلَاءَ إذَا ثَبَتَ مِنْ وَاحِدٍ لَا يَنْتَقِلُ إلَى آخَرَ، وَبِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الْمُعْتِقُ ابْنَيْنِ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَالْوَلَاءُ لِلْحَيِّ دُونَ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ وَلَوْ كَانَ بِالِانْتِقَالِ لَوَجَبَ أَنْ يَنْتَقِلَ نِصْفُ وَلَاءِ الْمَيِّتِ إلَى أَوْلَادِهِ، وَبِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ ابْنًا وَابْنَةً وَأَعْتَقَ عَبْدًا فَالْوَلَاءُ لِلِابْنِ دُونَ الِابْنَةِ، وَلَوْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الِانْتِقَالِ لَثَبَتَ لَهُمَا جَمِيعًا كَالْمِيرَاثِ فَصَارَ كَأَنَّهُ يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الِابْنِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ فَكَانَ فِيهِ خَصْمًا فَقُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ النَّسَبُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ كَأَنَّهُ اسْتَوْلَدَ أَمَةً، لِأَنَّهُ يَصِيرُ حِينَئِذٍ ابْنًا لِلِابْنِ لَا أَخًا لَهُ وَإِذَا لَمْ يَخْلُفْ الِابْنُ الْأَبَ فِي النَّسَبِ، وَلَا يُجْعَلُ كَأَنَّهُ اسْتَوْلَدَ صَارَ يَدَّعِي اسْتِيلَادَ أَبِيهِ فَلَا يَكُونُ خَصْمًا.
وَوَجْهٌ آخَرُ: أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْمِيرَاثِ بِالْوَلَاءِ لَا يَخْتَلِفُ بِالْأُبُوَّةِ وَالْبُنُوَّةِ، بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ يَحْجُبُ الِابْنَ يَحْجُبُ الْأَبَ وَمَنْ شَارَكَ الِابْنَ شَارَكَ الْأَبَ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الْمُعْتِقُ عَبْدًا وَأَخًا وَأَبًا، فَإِنَّ الْأَبَ لَا يَرِثُ مَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute