وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَصِيَّ أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ جَمِيعِ الْمَالِ، وَفَسَّرَ الْجَمِيعَ بِالْمِائَةِ، وَهُوَ فِي الْكَلَامِ لَمْ يُفَصِّلْ، وَلَمْ يَقْطَعْ، حَتَّى انْعَقَدَ بِتَفْسِيرِهِ فَثَبَتَ أَنَّ الْمَقْبُوضَ مِائَةٌ، وَلَمْ يُصَدَّقْ هَذَا عَلَيْهِ فِي زِيَادَةِ الْقَبْضِ إلَّا أَنَّهُ بِتَسْمِيَةِ الْمِائَةِ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ صَارَ مُبَرَّئًا عَمَّا زَادَ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ فَكَأَنَّهُ قَبَضَ مِائَةً، وَالْبَرَاءَةُ عَنْ الْبَاقِي لَا تَصِحُّ، لِأَنَّ إبْرَاءَ الْوَصِيِّ عَنْ مَالِ الصَّبِيِّ لَا يَجُوزُ إذَا لَمْ يَكُنْ هُوَ الْعَاقِدُ، فَبَقِيَ الْمَالُ عَلَيْهِ.
وَإِذَا كَانَ هُوَ الْعَاقِدُ أَوْ كَانَ الْمَالُ لَهُ جَازَ إبْرَاؤُهُ، كَذَلِكَ هَذَا فَافْتَرَقَا.
٦٣٥ - وَلَوْ أَنَّ وَصِيًّا بَاعَ خَادِمًا لِلْوَرَثَةِ فَأَشْهَدَ أَنَّهُ اسْتَوْفَى جَمِيعَ ثَمَنِهَا وَهُوَ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: بَلْ كَانَتْ مِائَةً وَخَمْسِينَ.
فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ، وَلَا يَكُونُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَتْبَعَهُ بِالْخَمْسِينَ الْفَاضِلَةِ.
وَلَوْ أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ اسْتَوْفَى مِنْ فُلَانٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَهُوَ جَمِيعُ الثَّمَنِ، فَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ مِائَةً وَخَمْسِينَ.
كَانَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُتْبِعَهُ بِالْخَمْسِينَ الْفَاضِلَةِ.
وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ: قَبَضْت جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ.
فَقَدْ أَقَرَّ بِقَبْضِ جَمِيعِ الثَّمَنِ، وَقَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَا تَفْسِيرٌ لَهُ، فَقَدْ فَسَّرَ الْمَقْبُوضَ فِي وَقْتٍ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى بَيَانِهِ، لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ اسْتَوْفَيْت جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ كَفَى، فَلَغَا التَّفْسِيرُ، وَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فَلَا يُتْبِعُهُ بِشَيْءٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute