وَأَمَّا إذَا قَالَ: قَبَضْت مِائَةً.
فَقَدْ سَمَّى الثَّمَنَ فِي حَالٍ: يُرْجَعُ فِي بَيَانِهِ إلَى قَوْلِهِ، لِأَنَّهُ لَا يُقِرُّ بِالِاسْتِيفَاءِ، فَصُدِّقَ فِي مِقْدَارِ الْمَقْبُوضِ وَهُوَ مِائَةٌ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ بِالزِّيَادَةِ فَكَانَ لَهُ أَنْ يُتْبِعَهُ.
وَوَجْهٌ آخَرُ: أَنَّ قَوْلَهُ: اسْتَوْفَيْت جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ مُبْهَمٌ، وَهُوَ هَكَذَا مُفَسَّرٌ مَعْلُومٌ، وَالْمُبْهَمُ يُفَسَّرُ بِالْمَعْلُومِ فَانْعَقَدَ بِتَفْسِيرِهِ، وَصَارَ بِتَسْمِيَتِهِ ذَلِكَ جَمِيعُ مَا عَلَيْهِ مِيرَاثًا عَنْ الْبَاقِي فَصَحَّ إبْرَاؤُهُ، لِأَنَّهُ الْعَاقِدُ، وَحَقُّ الْقَبْضِ وَجَبَ لَهُ
وَإِذَا قَالَ: اسْتَوْفَيْت مِائَةَ دِرْهَمٍ وَهُوَ جَمِيعُ مَا عَلَيْهِ، فَقَدْ فَسَّرَ الْمَعْلُومَ بِالْمُبْهَمِ، وَالْمَعْلُومُ لَا يُفَسَّرُ بِالْمُبْهَمِ فَلَغَا التَّفْسِيرُ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا فَبَقِيَ مُقِرًّا بِقَبْضِ الْمِائَةِ فَلَهُ أَنْ يُتْبِعَهُ بِالزِّيَادَةِ.
٦٣٦ - وَلَوْ أَنَّ وَصِيًّا أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ جَمِيعَ مَا فِي مَنْزِلِ فُلَانٍ مِنْ مَتَاعِهِ وَمِيرَاثِهِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: مِائَةُ دِرْهَمٍ وَخَمْسَةُ أَثْوَابٍ، فَأَقَامَ الْوَارِثُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ فِي مَنْزِلِهِ يَوْمَ مَاتَ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَمِائَةُ ثَوْبٍ لَمْ يَلْزَمْ الْوَصِيَّ أَكْثَرُ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ.
وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ اسْتَوْفَى جَمِيعَ مَا لِلْمَيِّتِ عَلَى فُلَانٍ مِنْ الدَّيْنِ، ثُمَّ أَقَامَ الْوَارِثُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ، فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ الزِّيَادَةُ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ كَوْنَهُ فِي مِيرَاثِهِ يَوْمَ مَاتَ لَا يُنْبِئُ عَنْ كَوْنِهِ فِي مَنْزِلِهِ يَوْمَ قَبَضَ الْوَصِيُّ، لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْيَوْمَ فِي مَنْزِلِهِ ثُمَّ قَبَضَهُ غَيْرُهُ فَلَمْ يَلْزَمْ الْوَصِيَّ بِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ شَيْءٌ، فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي مِقْدَارِ مَا قَبَضَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute