وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْغَاصِبُ إذَا بَاعَ مَالَ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَمْ يَعْقِدْ عَلَى مِلْكِ نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا عَقَدَ عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ، وَهُوَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهُ لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ فِيهِ، فَقَدْ عَقَدَ عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ عُقُودًا، فَإِجَازَةُ وَاحِدٍ لَا تُوجِبُ إجَازَةَ الْآخَرِ، كَمَا لَوْ بَاعَ عَبْدَهُ وَجَارِيَتَهُ فَأَجَازَ بَيْعَ الْجَارِيَةِ وَلَمْ يُجِزْ بَيْعَ الْغُلَامِ، كَذَلِكَ هَذَا.
وَوَجْهٌ آخَرُ: أَنَّ الْمُشْتَرِيَ عَقَدَ لِنَفْسِهِ، بِدَلِيلِ أَنَّ بَدَلَهُ يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ عِنْدَ إجَازَتِهِ، وَإِذَا لَمْ يَقَعْ عَقْدُ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ، وَإِنَّمَا لَهُ حَقُّ الْفَسْخِ وَإِذَا رَضِيَ بِهِ وَأَجَازَهُ فَقَدْ أَسْقَطَ حَقَّهُ فَصَارَ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَجَازَتْ الْعُقُودُ كُلُّهَا كَذَلِكَ هَذَا.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْغَاصِبُ، لِأَنَّ هَذِهِ الْعُقُودَ كُلَّهَا وَقَعَتْ لِصَاحِبِ الْمَالِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ إذَا أَجَازَهُ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ بَدَلُهُ فِي مِلْكِهِ، فَأَيُّ وَاحِدٍ تَوَلَّاهُ وَأَجَازَهُ جَازَ وَبَطَلَ مَا سِوَاهُ، كَمَا لَوْ عَقَدَ عَلَى شَيْئَيْنِ لَهُ فَأَجَازَ الْعَقْدَ عَلَى أَحَدِهِمَا.
٧٠٢ - وَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الْمُكْرَهِ بَاعَهُ مِنْ آخَرَ حَتَّى تَنَاسَخَتْهُ الْأَيْدِي ثُمَّ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْأَخِيرَ أَعْتَقَهُ، ثُمَّ أَجَازَ الْبَيْعَ لَمْ تَجُزْ إجَازَتُهُ، وَلِصَاحِبِهِ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهمْ شَاءَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute