وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا بَيْعًا فَاسِدًا فَبَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ آخَرَ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الثَّانِيَ، وَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْأَوَّلَ لَا غَيْرُ.
وَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ الْمَالِكُ سَلَّطَ الْأَوَّلَ إلَى التَّصَرُّفِ حَتَّى بَاعَهُ وَسَلَّمَهُ فَصَارَ يَتَصَرَّفُ بِتَسْلِيطِهِ وَإِذْنِهِ فَيَبِيعُهُ مِنْ الثَّالِثِ بِإِذْنِهِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَضْمَنَهُ.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْإِكْرَاهُ، لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ يَمْنَعُ صِحَّةَ التَّسْلِيطِ فَلَمْ يَكُنْ بَيْعُهُ مِنْ الثَّانِي بِإِذْنِهِ وَتَسْلِيطِهِ فَصَارَ الْآخَرُ مُتَصَرِّفًا فِي مِلْكِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَكَانَ لَهُ أَنْ يَضْمَنَهُ
٧٠٣ - فَإِذَا ضَمِنَ أَحَدُ الْبَاعَةِ لَمْ تَجُزْ الْبُيُوعُ الْمَاضِيَةُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَجَازَتْ الْعُقُودُ الَّتِي بَعْدَهَا وَلَوْ أَجَازَ أَحَدَ الْبُيُوعِ جَازَتْ الْعُقُودُ الَّتِي قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالتَّضْمِينِ أَنَّ التَّضْمِينَ يَتَمَحَّضُ تَمْلِيكًا، وَلَيْسَ فِيهِ مَعْنَى إسْقَاطِ حَقٍّ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْهُ الْبَدَلَ لِمَا نَقَلَ الْمَالِكُ فِيهِ إلَيْهِ، فَصَارَ هَذَا تَخْصِيصًا لَهُ بِالتَّمْلِيكِ، فَاخْتَصَّ بِهِ، وَلَمْ يَجُزْ مَا قَبْلَهُ، كَمَا قُلْنَا فِي الْغَاصِبِ إذَا بَاعَ ثُمَّ أَجَازَ لَمْ تَجُزْ الْبُيُوعُ الْمَاضِيَةُ إلَّا أَنَّ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ نَفَاذُهُ مِنْ جِهَةِ الَّذِي أَجَازَ لَهُ، فَكَأَنَّهُ كَانَ مِلْكًا لَهُ فَنَفَذَ مَا بَعْدَهُ مِنْ الْعُقُودِ
وَأَمَّا الْإِجَازَةُ فَيَتَمَحَّضُ إسْقَاطُ الْحَقِّ، فَإِذَا أَجَازَهُ فَقَطْ أَسْقَطَ حَقَّ نَفْسِهِ، وَقَدْ عَقَدَ عَلَى مِلْكِ نَفْسِهِ عُقُودًا، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ مِنْ نَفَاذِهِ لِعَدَمِ رِضَاهُ، فَإِذَا رَضِيَ جَازَ الْجَمِيعُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute