٣ - قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ يَعْنِي ابْنَ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ» ⦗٧٩⦘ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: اعْلَمْ رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ، لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُؤَدِّيَ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ مِنْ فَرِيضَةٍ وَلَا يَتَقَرَّبُ إِلَيْهِ بِنَافِلَةٍ إِلَّا بِنِيَّةٍ خَالِصَةٍ صَادِقَةٍ لَا رِيَاءَ فِيهَا وَلَا سُمْعَةَ، وَلَا يُرِيدُ بِهَا إِلَّا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَا يُشْرِكُ فِيهَا مَعَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ غَيْرَهُ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَقْبَلُ مِنَ الْعَمَلِ إِلَّا مَا أُخْلِصَ لَهُ وَأُرِيدَ بِهِ وَجْهُهُ، لَا يَخْتَلِفُ فِي هَذَا الْعُلَمَاءُ، فَإِنْ قُلْتَ: فَأَيُّ شَيْءٍ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْهِجْرَةِ؟ قِيلَ لَكَ: اعْلَمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا هَاجَرَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ أَوْجَبَ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ مِمَّنْ هُوَ بِمَكَّةَ أَنْ يُهَاجِرُوا وَيَدَعُوا أَهَالِيَهُمْ وَعَشَائِرَهُمْ وَدِيَارَهُمْ، يُرِيدُونَ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، لَا غَيْرَهُ، فَكَانَ النَّاسُ يُهَاجِرُونَ عَلَى هَذَا النَّعْتِ، فَأَثْنَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ فِي كِتَابِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَذَمَّ مَنْ تَخَلَّفَ عَنِ الْهِجْرَةِ بِغَيْرِ عُذْرٍ، وَعَذَرَ مَنْ تَخَلَّفَ بِعُذْرٍ إِذَا كَانَ لَا يَسْتَطِيعُ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْ مَكَّةَ مُهَاجِرًا فِي الظَّاهِرِ وَقَدْ شَمِلَهُ الطَّرِيقُ مَعَ النَّاسِ وَالسَّفَرُ، وَلَمْ يَكُنْ مُرَادُهُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّمَا كَانَ مُرَادُهُ تَزَوُّجَ امْرَأَةٍ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ قَبْلَهُ أَرَادَ تَزَوُّجَهَا وَأَرَادَ الدُّنْيَا فَلَمْ يُعَدَّ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، ⦗٨٠⦘ وَإِنْ كَانَ الطَّرِيقُ قَدْ شَمِلَهُ مَعَ النَّاسِ وَالسَّفَرُ، وَخَرَجَ مِنْ وَطَنِهِ إِلَّا أَنَّ نِيَّتَهُ مُفَارِقَةٌ لِنِيَّاتِهِمْ، هُمْ أَرَادُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ أَرَادَ تَزَوُّجَ أُمَّ قَيْسٍ، فَكَانَ يُسَمَّى مُهَاجِرَ أُمِّ قَيْسٍ فَاعْلَمْ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute