٤١ - أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ، ثنا أَبُو هَاشِمٍ كَثِيرٌ الْأُبُلِّيُّ، سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ مُعَاوِيَةَ بْنَ قُرَّةَ قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَأَنَا ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ، وَكَانَ أَبِي تُوُفِّيَ وَتَزَوَّجَتْ أُمِّي بِأَبِي طَلْحَةَ، وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ إِذْ ذَاكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ، وَرُبَّمَا بَيَّتْنَا اللَّيْلَةَ وَاللَّيْلَتَيْنِ بِغَيْرِ عَشَاءٍ، فَوَجَدْنَا كَفًّا مِنْ شَعِيرٍ فَطَحَنَتْهُ، وَعَجَنَتْ وَخَبَزَتْ مِنْهُ قُرْصَيْنِ، وَطَلَبَتْ شَيْئًا مِنَ اللَّبَنِ مِنْ جَارَةٍ لَهَا أَنْصَارِيَّةٍ، فَصَبَّتْ عَلَى الْقُرْصَيْنِ، وَقَالَتْ لِي: اذْهَبْ فَادْعُ أَبَا طَلْحَةَ تَأْكُلَانِ جَمِيعًا. فَخَرَجْتُ أَشْتَدُّ فَرَحًا لِمَا أُرِيدُ أَنْ آكُلَ، فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدًا وَأَصْحَابُهُ، فَدَنَوْتُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقُلْتُ: إِنَّ أُمِّي تَدْعُوكَ. فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: «قُومُوا» , فَجَاءَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَرِيبٍ مِنْ مَنْزِلِنَا. فَقَالَ لِأَبِي طَلْحَةَ: «هَلْ صَنَعْتُمْ شَيْئًا دَعَوْتُمُونَا إِلَيْهِ؟» قَالَ أَبُو طَلْحَةَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيًّا مَا دَخَلَ فَمِي مُنْذُ غَدَاةِ أَمْسِ شَيْءٌ. قَالَ: «فَلِأَيِّ شَيْءٍ دَعَتْنَا أُمُّ سُلَيْمٍ، ادْخُلْ فَانْظُرْ» فَدَخَلَ أَبُو طَلْحَةَ، فَقَالَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، لِأَيِّ شَيْءٍ دَعَوْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَتْ: مَا فَعَلْتُ غَيْرَ أَنِّي اتَّخَذْتُ قُرْصًا مِنْ ⦗١٣٤⦘ شَعِيرٍ، فَطَلَبْتُ مِنْ جَارَتِي الْأَنْصَارِيَّةِ لَبَنًا فَصَبَبْتُ عَلَى الْقُرْصَيْنِ، فَقُلْتُ لِأَنَسٍ: اذْهَبْ فَادْعُ أَبَا طَلْحَةَ تَأْكُلَانِ جَمِيعًا. فَخَرَجَ أَبُو طَلْحَةَ فَقَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ادْخُلْ بِنَا يَا أَنَسُ» فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو طَلْحَةَ وَأَنَا مَعَهُمْ. فَقَالَ «يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، ائْتِينِي بِقُرْصِكِ» فَأَتَتْهُ بِهِ، فَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ , فَبَسَطَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَفِّهِ عَلَى الْقُرْصِ , فَفَرَّقَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، وَقَالَ: «يَا أَبَا طَلْحَةَ، اذْهَبْ فَادْعُ مِنْ أَصْحَابِنَا عَشَرَةً» فَدَعَا بِعَشَرَةٍ. فَقَالَ لَهُمْ: «اقْعُدُوا وَسَمُّوا اللَّهَ وَكُلُوا مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِي» فَقَعَدُوا وَقَالُوا: بِسْمِ اللَّهِ. فَأَكَلُوا مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ حَتَّى شَبِعُوا. فَقَالُوا: شَبِعْنَا. فَقَالَ: «انْصَرِفُوا» وَقَالَ لِأَبِي طَلْحَةَ: «ادْعُ بِعَشَرَةٍ أُخْرَى» , فَمَا زَالَ تَذْهَبُ عَشَرَةٌ وَتَجِيءُ عَشَرَةٌ، حَتَّى أَكَلَ مِنْهُ ثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ رَجُلًا، ثُمَّ قَالَ: «يَا أَبَا طَلْحَةَ، وَيَا أَنَسُ تَعَالَوْا» , فَأَكَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو طَلْحَةَ وَأَنَا مَعَهُمْ حَتَّى شَبِعْنَا، ثُمَّ إِنَّهُ رَفَعَ الْقُرْصَ. فَقَالَ: «يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، كُلِي وَأَطْعِمِي مَنْ شِئْتِ» فَلَمَّا أَبْصَرَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ ذَلِكَ أَخَذَتْهَا الرِّعْدَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute