للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ملك الذي قاله مولانا الوزير هو عين النصيحة ولكن لم تزل الملوك تطلب الترفع على أقرانها وفتح البلاد لتكثير خراجها وأخذ الولايات والاستيلاء على الأقاليم، مع أن الأسد حيوان ظلوم كاسر ومشؤوم جاسر فخلاص الرعية من شره واجب على كل أحد ومولانا الوزير كأنه لم يقف على ظلم الأسد للرعية واعتدائه عليها بحيث أنها طالبة لمن ينقذها من شر الأسد ومتطلعة لمن يتصدى لطلب السلطنة وإقامة ناموس الملك ينبغي أن يكون له كل يوم فتح جديد وازدياد ما له من العساكر والجنود والأنسب إلى قصور الهمة وعدم كشف الغمة. نعم وإن كان هذا يستدعي إلى صرف أموال وجمع قروم من الرجال لكنه يكون سبباً في تعمير خزائن الملك وتكثير عساكر الجند فإن مولانا الملك يحتاج إلى ملء خزانته لأن كل وارد عليه طامع في إنعامه وصدقاته فإذا لم تنل ما تؤمله نقصت رغبتها ونفرت خواطرها والذي يقتضيه جفاء الحاكم عدم ذلك كله وحيث كان الأمر كذلك فالمرأى عندي إنقاذ ما عزم عليه الملك وإبراز ذلك من قوة الفكر إلى قوة الفعل.

فلما سمع الملك ذلك ثنى وجهه إلى مقبل وقال: لا تبق في هذا الرأي مجهوداً وابذل ما يسمح لك فقال المقبل: أفعل يا مولانا الملك شرط أن تقبل ما أقول وأعلم أيها الملك أن الحكماء قالت إن كل من طلب نفع نفسه بمضرة غيره فإنه لا يمتع بتلك المنفعة ولقد صدقوا هذا على تقدير حصولها والظفر بها وإن لم تحصل هلا يزداد إلا توزيع الخواطر وتفريق البال والندم والخسران واكتساب السيرة السيئة وكل من أراد الظفر بمظلوم واقتصر على تمشية هوى نفسه وأنه أحق بذلك من غيره فإنه لا يسلم أبداً من الأفكار والهموم ولا يكاد يصفو له الزمان، وأما كون الخرج أكثر من الدخل فقد قيل شعر:

<<  <   >  >>