للتخليد وسلك في الحزم الرأي السديد وجعل نفسه لها وقاية إلى أن أخذت مدتها النهاية فوضعت ولداً ذكراً كأنه غصن بان مثمراً قمراً فقام الوزير بتربيته وإصلاح إرضاعه وأغذيته إلى أن بلغ سبع سنين وهو كالبدر المنير والدر الثمين مربى بالدلال معبا بالكمال كأنه هو المقصود في قول الشاعر:
في تلمهد ينطق عن سعادة جده ... أثر الحنا به ساطع البرهان
فاتفق أن كسرى ركب للصيد في عسكر ونرايد فتفرق العساكر عدا وبقي كسرى فصادف غزالين يسوقان لهما ولداً خشفاً بلا مين كما قيل شعر:
فهجم عليهما فتخليا عن ولدهما ففوق السهم الخفيف نحو الحشف الضعيف فلما رأت أمه السهم داخلها الوهم فتصدرت للسهم دون ولدها واستقبلت نصله بكبدها فأراد إطلاق السهم من الكبد ليصيب به الولد فاعترضه الوالد بصدره وتلقاه دونها بنحره وجعل نفسه وقاية لأم ولده وفداها بروحه وجسده فتذكر كسرى أم ولده وندم على ما قدمه وتضاعف حزنه عليها وهمه وغمه وتذكر ما سلف منه في حق زوجته وما عاملها وولدها فاشتعلت النار في مهجته وقال: إذا كان هذا الحيوان الخلي من العقل حمى بروحه ولده وزوجته وجعل نفسه من الأذى لهما وقاية حيث ألفته