قاربت الشمس عمرنا الأفول وقدم بقائنا بزل ويزول وليس لنا من يذكر الله بعدنا ولا يحيي آثارنا عند فقدنا وقد قضينا العمر في الأنكاد في الخوف وفراق الأولاد وبعد وفاتنا يمحي اسمنا ويندرس رسمنا فلا حياة هنية ولا أخرى رضية، وإني على فراق قرة العين محزون فإنا لله وإنا لله راجعون وهذا أمر صرنا به مخصوصين على وجه المذلة والشين، ومثلنا كمن جمع المال من حله ومن غير حله وتركه بعد الكد والحرص إلى غير أهله كما قيل:
تؤديه مذموما إلى غير أهله ... فيأكله عفوا وأنت دفين
ولا طاقة لنا في دفع جيش العقاب ولا حيلة إلى باب الخلاص من هذا العقاب ومضى العمر في هذا الويل وقد أشبهنا النائم على طرق السبل، فإن ذبينا عن أنفسنا ربما أغفلونا وطرحونا أو ازهونا في مهلكة تدير علينا من العنا طاحونا، فالرأي عندي أن نترك هذا الوطن ونرحل إلى مقام لا نرى فيه تلك المحن فقد فرغ الصبر على فراق الولد ولم يبق قلب يحتمل هذا الألم والنكد كما قيل: