كل ذلك والسعد قائدنا والفلاح رائدنا واليمن دليلنا وفي ظلال عدلك مبيتنا ومقيلنا حتى حللنا بدار الآمال ونزلنا بحرم مولانا السلطان فنادانا فضل خالق الورى لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى الغيا عصي التيار فقد أمنتما الدمار والبوار إذ نزلتما بجوار خير جار فتركت القريبة الغريبة في ذروة حصينة مهيبة وأقمت بجنانك الشريفة ومقامك المنيف مقراً عظيماً وجناباً كريماً ومجلساً عالياً وباباً سامياً فنوديت ونوجيت، وأنشد يقول:
هذا هو الملك الذي من يأته ... يعطي المخوف أمانة لزمانه
رب الورى إحسانه فكأنما ... أرزاقه كتبت على إحسانه
ثم إنه نهض من مكانه وقتل الأرض بين يدي سلطانه وتوجه فائزاً بأمنية حتى وصل إلى خليلته فأخبرها بما جرى بتخبير المشترى وكيف تلقى مقدمه اليؤيؤ والملك وكيف به إلى الملك سلك وكيف كان خطابه وعلى صورة حسنة جوابه فسر صدرها وانشرح وطارت بهذه البشارة من الفرح ثم توجها إلى حضرة السلطان وحصل لهما من الأنعام والانتساب والإحسان ما نسيا به الأوطان وسلكا في خدمة الملك مع جماعة السنة وخوطب الحجل اليعقوب أسكن أنت وزوجك الجنة. فلما استقر بهما الدار وتبدل الانكسار بالانجبار وأضيف عليهما من الصدقات والإدرارات والنفقات ما لم يخطر ببالهما ولا مر على خيالهما وحصل لهما الأمن والأمان والسلامة والإطمئنان فاستقرت خواطرهما وسرت سرائرهما، لازم الحجل الخدمة على الوجه الأحسن قائماً بمواجب العبودية مهما أمكن متميزاً على سائر الخدم والتابعين عند الملك في الخدمة والحزم ناشراً ألوية النصيحة ناثراً للجواهر بالأثنية الفصيحة والعبارات المليحة والإشارات الصبيحة على ممر الأيام وسائر الشهور