ليعلم الناظر في هذا الكتاب بأن فيه من الحكم ولطائف الكلم ما يصلح أن يكون للملوك معتمدا وللأكابر والأفاضل مرشدا وللأدباء جليسا وللغرباء أنيسا ولقد فاق سلوان المطاع وكليلة ودمنة:
على أنني راض بأن أحمل الهوى ... واخلص منه لا علي ولا ليسا
وأن المطالعة فيه والاقتباس من فرائد معانيه تزيد العقل عن التجارب بل تفيد زيادة المتقارب لأن العمر يصرف إلى اكتساب الأمور من التجارب واستفادة الفوائد والحكم من هذا أمرها راقب وأحب ما يتمنى الإنسان طول العمر وقد قيل:
وأحسن ما كان الفتى من زمانه ... مع السعد والجاه العريض معمرا
وأحب ما أسمع للحاكم قول الناظم:
فلا زلت بين الورى حاكما ... بجاه عريض وعمر طويل
فمن أراد أن يطول عمره فليعم الناس خير وبره. وقد قيل خمسة أشياء تزيد في العمل: الأولى البر قال عليه الصلاة والسلام: لا يرد القضاء إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر، الثانية إسباغ