آووا إلى غار خوف الابتلال بالمطر فنزل من الحبل صخرة سدت فمه فقالوا لا ينجيكم إلا أن تدعوا الله بصالح عملكم، فقال واحد منهم: اللهم كان لي أبوان كبيران أؤثرهما على أهلي فتأخرت ليلة حتى ناما فلم أوقظهما وانتظرت يقظتهما وقدح اللبن في يدي إلى الفجر والصبية تصيح عند قدمي حتى شربا، اللهم إن كان ذلك ابتغاء لرضاك ففرج عنا فانفرجت شيئاً لا يمكن الخروج منه فقال الثاني: اللهم كانت لي ابنة عم أحبها فراودتها فأبت فحصل جدب فجاءتني فأعطيتها مائة وعشرين ديناراً على تمكيني منها فلما أردتها قالت: اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه فتركتها والمال اللهم إن كان ذلك ابتغاء لرضاك ففرج عنا فحصل ما لا يسع الخروج، فقال الثالث: اللهم استأجرت أجراء وأخذوا أجورهم إلا واحداً فنميت أجرته فجاءني يطلبها فقلت كل ما ترى من إبل وغنم وبقر ورقيق من أجرتك فقال أتهزأ بي. قلت: لا فأخذ ذلك كله اللهم إن كان ذلك ابتغاءً لرضاك ففرج عنا فانزاحت الصخرة وخرجوا يمشون، رواه الشيخان وغيرهما. وأعلم أن رئيس كل طائفة بمنزلة والدهم فإن السلطان والد الرعية أولاده، والأمير كذلك وكذا القاضي وكل والٍ حتى رؤساء القرى كل رئيس مهم بمنزلة الوالد والفلاحون أولاده والمقطعون والأجناد بمنزلة آباء الفلاحين يربونهم كالأولاد ويشفقون عليهم شفقة الآباء، كما يحكى عن بهرام جورانه وقع في بعض السنين قلة وقحط في بعض البلاد حتى قلت الأقوات فرسم بفتح مخازنه وحواصله وبذلها في رعاياه وحشمه وأمر بدوابه فتوجهت إلى أطراف البلاد تجلب الميرة فصار يفرق ذلك على الرعية من غير عوض فسد بذلك خلة الناس واستمر ذلك نحوا من أربع سنين، ثم بلغه أن شخصا من مملكته مات من الجوع ولم يكن له بذلك شعور فوجم لذلك وأخذه القلق