قال الحكيم مرزبان: بلغني أن في الزمان المتقدم كانت الجن ظاهرة تتراءى للأنس تظهر لهم الخيالات العجيبة والصور المهولة الغريبة وتضلعهم ضلالاً مبيناً ولا تحتجب من أحد وتخاطب بني آدم مشافهة. وكان في مملكة بابل شيخ من الزهاد قد اشتهر بين العباد وفاق أهل زمانه بالزهد والصلاح وجعل يدعو الخلق إلى الله تعالى وإلى طاعته ويرغبهم فيما لديه ويزهدهم في الدنيا وكان نفسه المبارك في السلوك مؤثراً، ففي مدة يسيرة تبعه خلق كثير واجتمع عليه طوائف عديدة وانتشر صيته في الآفاق وصارت الناس تأتي إليه من أطراف البلاد والأقاليم. فاضطرب أمر المردة من الشياطين وأهانهم الناس وبطلت زخارفهم وتمويهاتها وضل في الإضلال سعيهم