ما ترى أنت في هذا الأمر؟ فقال: حيث تردد أمركم بين آراء مختلفة فأستوثق بأحدها دون الآخر ليس من قضايا العقل فإنه يصير ترجيحها بلا مرجح ووجه المرجح محجوب قال تعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون) وكم قضية يتصورها الفكر صواباً وهي خطأ وبالعكس، وهذا له دليل من المحسوس وهو قضية الرجل المضيق وولده الأحول فقال العفريت: أخبرني بهذه القضية كيف كانت؟ فقال الوزير: كان في بعض الأحيان رجل في مكان كريم الشمائل محبوب الخصائل سخي النفس يحب قرى الضيفان ويتصدى لإكرام الصادر والوارد من البلدان فنزل به في بعض الأيام رجل عزيز من أصحابه فبالغ في إكرامه وأحضر إليه ما أحضر من طيب طعامه فلما رفع السماط ووضع للبسط البساط قال المضيف لضيفه: إن عندي قارورة واحدة من الشراب المعتق كنت ادخرتها لمثلك ولم يكن عندي غيرها فإن أردت إحضارها أحضرناها وتعاطينا الراح لطلب الانشراح كما قيل: