الشباب والشيء الذي لا يمكن تحصيله الاكتساب بالعقل والشيء الذي لا يمكن ضبطه الدنيا إذا أدبرت، والشيء الذي لا يمكن الإحاطة به عظمة صانع الكائنات تعالى وتقدس.
ثم أقبل المساء فتفرقوا فلما أصبح الصباح اجتمعوا للسؤال الخامس، فقال العفريت: ما فائدة العقل؟ فقال الزاهد: الإرشاد إلى سبيل الحق والخلاص من ورطة المهالك والإغناء عن حلول الفقر. السؤال السادس، قال العفريت: فمن العاقل وعلى من يطلق من جنس آدم هذا الاسم؟ فقال الزاهد: العاقل من يتحمل إذا أضيم ويعفو إذا قدر ويحلم إذا غضب ويتهون أمور الدنيا ولا يغفل عن الأخرى. السؤال السابع، قال العفريت: ما الفائدة في حب الدنيا والرغبة فيها ولأي معنى غلب الحرص على بنيها؟ فقال الزاهد: لأجل انتظام هذا العالم ومداومته إلى الأجل الذي أجله وقدره في الأزل خالقه وإلا لاختل نظامه وبطلت أمور المعاش، وببطلان أمور المعاش تبطل أمور المعاد، فقال العفريت: أخبرني عن جوهرية الملك والجن والأنس، فقال الزاهد: جوهر الملك من العقل المحض وجوهر الجان من الحرص والغضب والشهوة والصفات الذميمة، وجوهر الإنسان مركب من جوهري الملك والجان ولهذا من غلب عقله شهوته كان أفضل من الملك ومن غلبت شهوته عقله كان أخس من الكلاب ويقول يوم القيامة يا ليتني كنت تراباً. قال الراوي: فلما انتهى إلى هذا المقام أمسك العفريت عن الكلام وظهر فضل الزاهد ثم من ذلك الوقت تفرقت الشياطين واختفت عن أعين الناس ولم يظهروا إلى يومنا هذا والله أعلم.