وكان مرزبان واضع هذا الكتاب هو أصغرهم فاستمر الأخوة الأربعة في خدمة أخيهم الأكبر مدة، ثم إنه حصل في خواطر الأخوة مما يخاطر ببال الناس من المخالفة فخاف مرزبان من ذلك على نفسه وأنه لا يستطيع أن يكون في جهة أحد منهم إذ كل منهم أخوه. وكان في الفضل والتدبير وحسن السياسة والتأمل في العواقب متميزاً على قرانه وإخوانه ففكر في عواقب ما عزم عليه أخوته من العصيان فأراه اجتهاده إلى أن يتوجه إلى جهة من جهات المملكة وينحاز عن دائرة ما يقع بين أخوته من المخالفة والمناكدة بينهم وبين أخيهم الملك حتى لا ينسب إليه شيء من ذلك ويسلم من تلك الكدورات، فتشاور فيما عزم عليه مع طائفة من الأذكيا وجماعة من الفصحا فاستصوبوا رأيه إلا أنهم التمسوا منه أن يضع لهم كتاباً يشتمل على أنواع الحكمة واللطائف التي تتهذب بها النفس وتتوفر بها مكارم الأخلاق ويكون عوناً على اكتساب مصالح المعاش والمعاد ويدل على فضائله وغزارة حكمته وعلمه