محبة الفارة وكان للقط من الأصحاب القدماء ديك فلما رأى الديك انقطاع القط إلى الفأرة داخله الحسد فسعى في فساد ما بين القط والفأرة إلى أن غلبت العداوة القديمة وتحركت دواعي البغض والشيمة فعدى القط على الفارة. وهي آمنة وقتلها وأكلها.
وإنما أوردت هذا المثل لتعلم مواقع الصداقة والعداوة فتضع كلاً منهما في محله. قال الزكي: جزاك الله خيراً فلقد بالغت في النصيحة وأبلغت في العبارة. قال المحتال: ولي عليك شرط آخر قال: قل ما شئت! قال: أريد أن تكون مكانتي عندك علية وحرمتي موفورة وفية بحيث تكون لي كلمة نافذة وهيبة ساطعة وسطوة جامعة وحرمة يانعة من ابتداء اليافعة وأكون مميزاً على من دوني من خدمك، فإن حرمة الخادم من حرمة مخدومه وإذا ابتذل المخدوم خادمه وتركه وراء ظهره لا يلتفت إليه أحد ممن هو دونه، والملك إذا ألقى حرمة وزيره احتقرته الرعية وكان مثله مثل بنت الزاغة. قال الزكي: كيف كانت تلك الحكاية؟
قال المحتال: ذكروا أن زاغة كان لها بنت قد نشأت في غاية الحسن والجمال وكانت أولاد الطير يخطبونها من أمها وكانت أمها تخفيها وتخاف عليها من زوج يتعبها ولا يهنيها فتأبى عليها ولا تزوجها لأجل ذلك، إلى أن خطبها فرخ بومة كان بين أمه وبين الزاغة صداقة قديمة فرغبت فيه لأجل ذلك ثم قالت لبنتها: يا ابنتي