للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثانيا: الادعاء أن المحدثين لم يعتنوا بمتون الأحاديث:

لقد ادعى بعض المستشرقين أن المحدثين لم يولوا متون الأحاديث أي عناية، مما أدى إلى تلفيق الحديث وتسرب الأساطير الوثنية وأساطير أهل الكتاب إلى السنة النبوية الشريفة، ومن أشهر هؤلاء المستشرقين فيليب حتى الذي أورد في مؤلفه " الإسلام والغرب " ما يلي: " يعتقد هؤلاء المسلمون أن السنة هي المصدر الثاني للتشريع، وأنها وحي من الله كالقرآن تماما، ذلك على الرغم من احتواء السنة على متون منقولة عن مصادر غير إسلامية، بل إن معظم نصوص السنة مأخوذ عن أناجيل النصارى. . . ومن أمثلة ذلك الحديث الذي رواه عبد الله بن عمر أن رجلا جاء لمحمد صلى الله عليه وسلم وسأله عن العفو عن المسيء فرد محمد صلى الله عليه وسلم قائلا: إن استطعت أن تعفو عنه سبعين مرة فافعل. ومما لا شك فيه أن هذا القول وارد في إنجيل متى (١). على لسان عيسى عليه السلام، وهناك حديث آخر عن جابر وفيه أن بركة محمد صلى الله عليه وسلم حلت على طعام جابر فأكل ألف رجل من وعاء واحد ولم ينقص ذلك مما في الوعاء شيئا. وهذه القصة مستوحاة أيضا من إنجيل متى (٢) (٣).

ويدعي المستشرق موريس سيل أن شراح الحديث الشريف كانوا لا يتورعون عن الأخذ عن النصارى عند تصديهم لشرح الأحاديث وتوضيح معانيها، ولقد أورد هذا الزعم في مؤلفه المسمى " الديانة الإسلامية " حيث جاء


(١) متى ١٨: ٢١، ٢٢ من الكتاب المقدس ٣٣ العهد الجديد.
(٢) متى: ١٥ - ٢٨، ١٥: ٣٠ - ٣٨ من الكتاب المقدس ٢٦ - ٣٩ العهد الجديد.
(٣) انظر Islam and the west pp. ١٠٥ - ١٠٧.