للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصورة الثالثة: شهادة عدلين بجرح وعدل بالقتل

١ - قال الأبي "ع": الصورة الثالثة شهادة عدلين بجرح وحيي بعده حياة بينة ثم مات بعده قبل أن يفيق منه، قال مالك وأصحابه والليث: ذلك لوث، واختلف عندنا في شهادة العدل الواحد هل هي لوث؟ والأصح الأول، وأنه لا بد من شاهدين، ولم ير الشافعي والحنفية في هذا قسامة، ورأوا فيه القصاص إن ثبت بشاهدين، قلت: قال ابن الحارث: إلا أن يكون ما شهد به العدلان من الجرح قد أنفذ مقاتله، فإن أنفذها فلا قسامة فيه وهو كمقتول، والمشهور في شهادة الواحد أنها لوث، نص على ذلك في المدونة، وفي العتبية: لا قسامة فيه.

واختلف في شهادة الواحد على إقرار القاتل بالقتل، فقال أشهب: فيه قسامة، وفي الموازية لا قسامة فيه (١) ٢ - وقال النووي والرملي: وشهادة العدل الواحد -أي إخباره ولو قبل الدعوة بأن فلانا قتله- لوث؛ لأنه يفيد الظن، وشهادته بأن أحد هذين قتله لوث في حقهما، كما علم مما مر في أول الباب، فيعين الولي أحدهما أو كليهما ويقسمه (٢).

٣ - وقال ابن قدامة: فصل: وإن شهد رجلان على رجل أنه قتل أحد هذين القتيلين لم تثبت هذه الشهادة ولم يكن لوثا عند أحد علمائنا، قوله: وإن شهد رجلان أن هذا القتيل قتله أحد هذين الرجلين، أو شهد أحدهما أن هذا قتله بسكين لم تثبت الشهادة ولم يكن لوثا، هذا قول القاضي واختياره، والمنصوص عن أحمد فيما إذا شهد أحدهما بقتله والآخر بالإقرار بقتله أنه يثبت القتل، واختار أبو بكر ثبوت القتل ها هنا، وفيما إذا شهد أحدهما أنه قتله بسيف وشهد الآخر أنه قتله بسكين؛ لأنهما اتفقا على القتل واختلفا في صفته، وقال الشافعي: هو لوث في هذه الصورة في أحد القولين، وفي الصورتين اللتين قبلها هو لوث؛ لأنها شهادة يغلب على الظن صدق المدعي أشبهت شهادة النساء والعبيد.

ولنا أنها شهادة مردودة؛ للاختلاف فيها فلم يكن لوثا كالصورة الأولى (٣)


(١) إكمال إكمال المعلم ج٤ ص٣٩٩ - ٤٠٠ ويرجع أيضا إلى المنتقى شرح الموطأ ج٧ ص٥٦. .
(٢) المنهاج وشرح نهاية المحتاج ج٧ ص٣٩١. .
(٣) المغني ج٨ ص ٤٩٠ - ٤٩١. .