وهذه العقوبة مؤثرة بلا شك، إذ البعد عن الأهل والأصدقاء يجعل الإنسان دائم الوقت حزينا؛ نظرا لتغير المكان والناس. فيعيش غريبا في هذا المجتمع الجديد الذي لا يعرف فيه أحدا، خائفا من السؤال عن سبب مجيئه إلى هذا البلد، وهو ببعده هذا يجد الألم والحسر؛ بفقد أقاربه، وتارة باشتياقه إليهم. وهو مع ذلك كله يجد نفسه مضطرا- لطول الوقت- للتفكير ومراجعة أفعاله ومعرفة أخطائه وكيف يتفاداها مستقبلا. والمجتمع- أيضا- منتفع بهذا النفي؛ إذ العضو الفاسد الذي نغص عيشهم قد ابتعد عنهم، ثم هو أيضا تأديب لكل من تسول له نفسه من أفراد المجتمع، إذا ما تذكر هذا المصير المر، وكيف يقدم على محرم، وهو يرى بعينه ذلك الكسر، يعاني من ويلات البعد، ويئن تحت