المبحث الرابع: معنى الإيمان بالقدر عند أهل السنة وأدلتهم على ذلك.
الإيمان بالقدر عند السلف - رحمهم الله تعالى - أصل من أصول الدين، وركن من أركان الإيمان الستة التي لا يتم الإيمان إلا بالإيمان بها، وهي الواردة في حديث جبريل - عليه السلام - الذي ورد فيه أن الإيمان هو: «أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره (١)».
ومعنى الإيمان عندهم بالقدر هو التصديق الجازم بأن كل شيء بقضاء الله وقدره السابق، سواء كان صغيرا أو كبيرا، حقيرا أو جليلا، خيرا أو شرا، حلوا أو مرا، طاعة أو معصية، وأنه - سبحانه وتعالى - فعال لما يريد، لا يكون شيء إلا بإرادته، ولا يخرج شيء عن مشيئته، وأن كل أمر قد خط في اللوح المحفوظ وأنه - عز وجل - خالق أفعال العباد، وعالم بجميع أحوالهم من الطاعات والمعاصي والأرزاق والآجال، وأنه - سبحانه وتعالى - يهدي من يشاء برحمته ويضل من يشاء بحكمته، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، والإيمان بالقدر من الإيمان بالغيب الذي يجب على المسلم الإيمان به، والإيمان بالقدر تحصل به سعادة العبد في الدنيا والآخرة؛ لأن العبد إذا علم أنه لن يصيبه إلا ما كتبه الله له، وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه
(١) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان (١/ ٣٦، ٣٧).