للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الرشيد]

الخليفة أبو جعفر هارون بن المهدي محمد بن المنصور أبي جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الهاشمي العباسي.

استخلف بعهد معقود له بعد الهادي من أبيهما المهدي في سنة سبعين ومائة بعد الهادي.

روى عن أبيه وجده، ومبارك بن فضالة.

روى عنه: ابنه المأمون وغيره.

وكان من أنبل الخلفاء، وأحشم الملوك، ذا حج وجهاد، وغزو وشجاعة، ورأي.

وأمه أم ولد، اسمها خيزران.

وكان أبيض طويلا، جميلا، وسيما، إلى السمن، ذا فصاحة وعلم وبصر بأعباء الخلافة، وله نظر جيد في الأدب والفقه، قد وخطه الشيب.

أغزاه أبوه بلاد الروم، وهو حدث في خلافته.

وكان مولده بالري في سنة ثمان وأربعين ومائة.

قيل: إنه كان يصلي في خلافته في كل يوم مائة ركعة إلى أن مات، ويتصدق بألف، وكان يحب العلماء، ويعظم حرمات الدين، ويبغض الجدال والكلام، ويبكي على نفسه ولهوه وذنوبه، لا سيما إذا وعظ.

وكان يحب المديح، ويجيز الشعراء، ويقول الشعر.

وقد دخل عليه مرة ابن السماك الواعظ، فبالغ في إجلاله، فقال: تواضعك في شرفك أشرف من شرفك، ثم وعظه، فأبكاه.

ووعظه الفضيل مرة حتى شهق في بكائه.

ولما بلغه موت ابن المبارك، حزن عليه، وجلس للعزاء، فعزاه الأكابر.

وكان يقتفي آثار جده إلا في الحرص.

قال أبو معاوية الضرير: ما ذكرت النبي - صلى الله عليه وسلم - بين يدي الرشيد إلا قال: صلى الله على سيدي، ورويت له حديثه: وددت أني أقاتل في سبيل الله، فأقتل، ثم أحيا ثم أقتل فبكى حتى انتحب.

وعن خرزاذ العابد قال: حدث أبو معاوية الرشيد بحديث: احتج آدم وموسى فقال رجل شريف: فأين لقيه؟ فغضب الرشيد، وقال: النطع والسيف، زنديق يطعن في الحديث، فما زال أبو معاوية يسكنه ويقول: بادرة منه يا أمير المؤمنين، حتى سكن.