١١٢٣٤ - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي سَلَامُ بْنُ مِسْكِينِ بْنِ رَبِيعَةَ النَّمَرِيُّ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَبَاحٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: وَفَدْنَا إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَمَعَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، وَذَلِكَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَدْعُو كَثِيرًا إِلَى رَحْلِهِ، فَقُلْتُ لِأَهْلِي: اجْعَلُوا لَنَا طَعَامًا، فَفَعَلُوا، فَلَقِيتُ أَبَا هُرَيْرَةَ بِالْعَشِيِّ فَقُلْتُ: الدَّعْوَةُ عِنْدِي اللَّيْلَةَ، فَقَالَ: لَقَدْ سَبَقْتَنِي إِلَيْهَا، فَقُلْتُ: أَجَلْ، قَالَ: فَجَاءَنَا فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، أَلَا أُعْلِمُكُمْ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِكُمْ؟ قَالَ: لَمَّا فَتْحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ عَلَى إِحْدَى الْمُجَنِّبَتَيْنِ، وَخَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ عَلَى الْأُخْرَى، قَالَ: فَبَصُرَ بِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَبْكَبَةٍ فَهَتَفَ بِي، قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «اهْتِفْ لِي بِالْأَنْصَارِ» فَهَتَفْتُ بِهِمْ، فَطَافُوا بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى مِيعَادٍ، قَالَ: «يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، إِنَّ قُرَيْشًا قَدْ جَمَعُوا لَنَا، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاحْصُدُوهُمْ حَصْدًا، حَتَّى تُوَافُونِي بِالصَّفَا، الصَّفَا مِيعَادُكُمْ» ⦗١٥٥⦘ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَمَا لَقِينَا مِنْهُمْ أَحَدًا إِلَّا فَعَلْنَا بِهِ كَذَا وَكَذَا، وَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَبَحْتَ خَضْرَاءَ قُرَيْشٍ، لَا قُرَيْشَ بَعْدَ الْيَوْمِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَلْقَى السِّلَاحَ فَهُوَ آمِنٌ، وَلَجَأَتْ صَنَادِيدُ قُرَيْشٍ وَعُظَمَاؤُهَا إِلَى الْكَعْبَةِ، يَعْنِي دَخَلُوا فِيهَا» قَالَ: فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى طَافَ بِالْبَيْتِ، فَجَعَلَ يَمُرُّ بِتِلْكَ الْأَصْنَامِ فَيَطْعَنُهَا بِسِيَةِ الْقَوْسِ وَيَقُولُ: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: ٨١] حَتَّى إِذَا فَرَغَ وَصَلَّى جَاءَ فَأَخَذَ بِعَضَادَتَيِ الْبَابِ ثُمَّ قَالَ: «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، مَا تَقُولُونَ؟» قَالُوا: نَقُولُ: ابْنُ أَخٍ، وَابْنُ عَمٍّ رَحِيمٌ كَرِيمٌ، ثُمَّ عَادَ عَلَيْهِمُ الْقَوْلَ قَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ، قَالَ: " فَإِنِّي أَقُولُ كَمَا قَالَ أَخِي يُوسُفُ: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُو أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف: ٩٢] فَخَرَجُوا فَبَايَعُوهُ عَلَى الْإِسْلَامِ ثُمَّ أَتَى الصَّفَا لِمِيعَادِ الْأَنْصَارِ، فَقَامَ عَلَى الصَّفَا عَلَى مَكَانٍ يَرَى الْبَيْتَ مِنْهُ، فَحَمِدَ اللهُ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَذَكَرَ نَصَرَهُ إِيَّاهُ، فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ، وَهُمْ أَسْفَلُ مِنْهُ: أَمَّا الرَّجُلُ فَقَدْ أَدْرَكَتْهُ رَأْفَةٌ لِقَرَابَتِهِ، وَرَغْبَتُهُ فِي عَشِيرَتِهِ، فَجَاءَهُ الْوَحْيُ بِذَلِكَ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَاءَهُ الْوَحْيُ لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ مِنَّا يَرْفَعُ طَرْفَهُ إِلَيْهِ حَتَّى يَنْقَضِيَ الْوَحْيُ عَنْهُ، فَلَمَّا قُضِيَ الْوَحْيُ قَالَ: " هِيهِ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، قُلْتُمْ: أَمَّا الرَّجُلُ فَأَدْرَكْتُهُ رَأْفَةٌ بِقَرَابَتِهِ وَرَغْبَةٌ فِي عَشِيرَتِهِ، وَاللهِ إِنِّي لَرَسُولُ اللهِ، لَقَدْ هَاجَرْتُ إِلَى اللهِ، ثُمَّ إِلَيْكُمُ، الْمَحْيَا مَحْيَاكُمْ، وَالْمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ " قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَرَأَيْتُ الشِّيُوخَ يَبْكُونَ، حَتَّى بَلَّ الدُّمُوعُ لِحَاهُمْ، ثُمَّ قَالُوا: مَعْذِرَةً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَاللهِ مَا قُلْنَا إِلَّا ضَنًّا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ، قَالَ: «فَإِنَّ اللهَ قَدْ صَدَقَكُمْ وَرَسُولُهُ، وَقَبِلَ قَوْلَكُمْ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute