أحمده وهو المحمود في جميع فعاله, على ما أولى من جوده ونواله, وأشكره على إحسانه وإفضاله, فتعساً لقوم يعرفون نعمة الله ثم ينكرون {وَهُوَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ وَلهُ الْحُكْمُ وَإِليْهِ تُرْجَعُونَ}(القصص:٧٠) .
وأشهد أن لا إله إلا الله, ولا معبود بحقٍّ سواه, فقد ضلَّ من عدل به المخلوق وساوى {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالمِينَ وَمَا أَضَلَّنَا إِلاَّ الْمُجْرِمُونَ}(الشعراء:٩٨-٩٩) وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ونبيه, الذي خصَّه بالرسالة واصطفاه, شهادة أرجو بها الفوز والنجاة, يوم يعرف المجرم بسيماه, وينادي المنادي {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ}(الصافات:٢٢) وأصلي وأسلم على محمد الذي بعث للعالمين رحمة, يتلوا عليهم آياته, ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة, ويجدد الحنيفية, ويزيل عنها كل وصمة (١) وعلى آله وصحبه خير القرون, المنزَّل في حقَّهم {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}(آل عمران: من الآية ١١٠) وتحقَّقوا بمصداق {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالهُمْ بِأَنَّ لهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ}(التوبة: من الآية ١١١) صلاةً وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم يبعثون.
أما بعد:
فإن الله جل جلاله إنما خلق السماوات والأرض, وذرأ من فيهن بالطول والعرض, للقيام بوظائف العبودية؛ امتثالاً لأمره اللازم الفرض
(١) قوله (وصمة) أي عيب وعار (قاله في مختار الصحاح) .