للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقوله: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً} الإشارة فيه إما أن تكون إلى جملة القرآن, أو إلى ما ذكر في هذه السورة من البيان, وهي من جملته مع أنها بأسرها في إثبات التوحيد والنبوة وبيان الشريعة. (١)

وقوله: {فَاتَّبِعُوهُ} أمر من الله تعالى بلزوم طريقه, والأخذ بما جاء به نهيا وأمرا؛ لأن من خالف طريقه, ولم يقتبس من نوره فقد جاء ظلما وكفرا.

{وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُل} أي: الأديان المختلفة, والطرق الضالة التابعة للهوى, فإن من أخطأ سبيل القرآن فقد هوى؛ لان سبيل الحق واحد, ومقتضى حجته كذلك, ومقتضى الهوى متعدد, وسبله متعددة المسالك ولهذا وحد سبيل الحق وجمع ضده قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس في الآية وفي قوله: {أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} (الشورى: من الآية ١٣) قال: "أمر الله تعالى المؤمنين بالجماعة ونهاهم عن الفرقة والاختلاف, وأخبرهم أنه إنما هلك من كان قبلهم بالمراء والخصومات في دين الله تعالى". (٢)

وقد روى الإمام أحمد بسنده عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا بيده ثم قال: "هذا سبيل الله مستقيما, وخط عن يمينه وعن شماله ثم قال: هذه السبل ليس فيها سبيل إلا وعليه شيطان يدعو إليه , ثم قرأ: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُل فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} (الأنعام: من الآية ١٥٣) . (٣)

وروى أيضا بسنده عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: كنا


(١) انظر: تفسير أنوار التنزيل (١/٣٣٨) .
(٢) انظر: تفسير ابن كثير (٣/٣٦٠) رواه ابن ماجة (١/١٩٠) .
(٣) رواه أحمد (١/٤٦٥) .

<<  <   >  >>