مبدأ إنزاله ومنها وغايته الأرض, وسيجاء به حجة بعد العرض.
وقوله في حديث عبد الله: "إن هذا القرآن هو حبل الله المتين" (١) يعني: القوي الذي لا يخشى على المستمسك به انفصام, ولا تنال الهلكة من له به اعتصام.
وهذا تمثيل للخلق بما يفهمونه من الأسباب التي يتوصلون بها إلى المآرب, وإدراك المقصود والمطالب, وينجون بها من المعاطب.
وحاصل الأمر: أن من في الدنيا مثله كمثل من وقع في بئر فيها من كل نوع من الآفات, فلا يمكنه الخروج منها والسلامة من آفاتها والنجاة إلا بحبل قوي وثيق, حتى يكون له السلامة طريقا, فكذلك الدنيا دار محنة, وفيها كل نوع من الآفات والفتنة, فلا سبيل إلى النجاة منها إلا بالتمسك بأقوى الأسباب, وذلك كتاب الله الذي هو أعظم وأفخم كتاب.
قوله: "وهو الشفاء النافع" أي: شفاء لما في الصدور من أدواء الضلالة, وأسقام السفة والجهالة.
قوله: "عصمة لمن تمسك به" من الهلاك. قال جل جلاله: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى} (طه: من الآية ١٢٣) .
قواه: "ونجاة لمن تبعه" أي عمل بما جاء به من المر والنهي في أصل
(١) عبد الله ابن مسعود رواه عبد الرزاق عن ابن عيينة (٣/٣٧٥-٣٧٦) ورواه الحاكم في (المستدرك) من طريق صالح بن عمر ١/٥٥٥, وابن الجوزي في (العلل) من طريق ابن فضيل ١/١٠١, ثلاثتهم عن إبراهيم الهجري به, وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه, وأما ابن الجوزي فأعله بإبراهيم الهجري وقال: هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويشبه من كلام ابن مسعود. وقد روي عنه موقوفا عليه كما هو عند الدارمي في سننه (٣٣١١) .