للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ليس منه فهو رد" (١) .

وفي رواية لمسلم "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" وفي بعض ألفاظ الحديث "من أحدث في ديننا ما ليس فيه فهو رد".

قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} (آل عمران: من الآية ٣١) أقول: هذه الآية المحكمة لأساس أكثر الناس هادمة, وعليها بالبدع والضلال والهوى حاكمة, فكل من ادعى محبة الله عز وجل, وليس على طريقة نبيه المرسل, فقد بلغ والله الغاية القصوى في الزور والكذب في الدعوى, بل هو في الخلد الأبدي, والعذاب السرمدي, حتى يتبع الشرع المحمدي, ويقتدي بدين نبيه ويهتدي, فيا لها من آية عظيمة الشأن والمقدار, جسيمة الفوائد والأسرار, يفضح مضمونها غالب العمال, ويفصح مكنونها برد ما لهم من الأعمال, وتنبئ بخيبة الرجاء لهم والآمال, وقطع الأسباب التي أملوا بها القرب من الله والاتصال, وذلك أنه لم يقم فيهم برهانها, ولم يظهر على صفحات أعمالهم سلطانها, فإن لكل قول حقيقة, ومن شغف بمحبوب سلك طريقه.

قال الحسن البصري: قال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: "يا رسول الله إنا نحب ربنا حبا شديدا" فأحب الله تعالى أن يجعل لحبه علما, فأنزل الله تعالى هذه الآية.

وقال غيره من السلف: "زعم قوم أنهم يحبون الله تعالى فابتلاهم بهذه الآية فقال: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} أي: يحصل لكم فوق ما طلبتم من محبتكم إياه, وهو محبته إياكم, وهو أعظم من الأول كما قال بعض الحكماء والعلماء ليس الشأن أن


(١) رواه البخاري ورقمه (١٦٩٧) ومسلم (١٧١٨) .

<<  <   >  >>