للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المبحث الأول: التحيز العنصري في المسلمات الأولية

لا يخلو أي بحث علمي من مسلمات أولية أو ما يسمى بالأفكار القبلية، لا يتكلم عليها الباحث ولا يصرح بها، ولكنه ينطلق منها في معالجة القضايا التي يتطرق لها في بحثه (١) ، والملاحظ أن " شاخت " كان في المسلمات الأولية في كتاباته عن السنة النبوية واقعاً تحت تأثير تحيز عنصري ضد العرب والمسلمين، وهو وإن لم يصرح بمسلماته بصورة جلية وواضحة

-لغايات لا تخفى على اللبيب-، إلا أن ذلك يظهر بجلاء في حكمه القاطع والجازم على صفوة الأمة وأوثق علمائها بأنهم من الكذابين، وأنهم اختلقوا الأسانيد ونسبوها زوراً وافتراءً لرسولهم صلى الله عليه وسلم.

ونتيجة لهذه المسلَّمة القاطعة التي تجذرت في وعيه، أشار إلى أن الأسانيد في كتب السنة، والتي تدل على اتصال الإسناد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لا قيمة لها، ((بل هي كذب محض؛ لأن الأحاديث النبوية بكاملها لم توجد إلا في القرنين الثاني والثالث، فكيف يمكن أن نتصور وجود الأسانيد قبل وجود المتون؟ بل لا بد أن توجد المتون من قبل ثم تظهر الأسانيد لا العكس)) (٢) ، ويقول في تقرير هذا الأمر: ((إن أكبر جزء من أسانيد الأحاديث اعتباطي ... وأي حزب يريد نسبة آرائه إلى المتقدمين، كان يختار تلك الشخصيات


(١) أوسع من رأيته تكلم على خطورة الأفكار القبلية الضمنية التي لا يصرح بها، وأثرها السيئ في صحة الأفكار والنظريات العلمية هو الدكتور ريمون بودون رئيس قسم العلوم الإنسانية في جامعة السوربون بباريس في كتابه " فن إقناع الذات بأفكار هشة ومشكوك فيها وخاطئة " (ص ١١٧ - ١٩٦) .
(٢) المستشرق شاخت والسنة النبوية (١ / ٨٣) .

<<  <   >  >>