للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المبحث الرابع: إهمال الأدلة المضادة

من أسوأ العيوب المنهجية، وأشدها خطورة على نتائج أي بحث علمي، هي أن يتجاهل الباحث الأدلة المضادة - يعني المخالفة - لرأيه سواءً أكان ذلك بسبب إهماله أم تحيزه أم لأي سبب آخر، ويصف أحد المفكرين الغربيين العالم أو الباحث الذي يخفي الأدلة التي لا تؤيد نظريته بأنه يعد في عالم العلم ((مثل المالي الغشاش، أو المحاسب الذي يزيف في دفاتره في عالم المال)) (١) .

ويذكر أحد أساتذة المنهجية أن من أهم العوائق التي تحول بين الباحث، والوصول إلى الحقيقة: تجاهل الأدلة المضادة، وعليه فإن الدليل المضادَّ يجب أن يُعطى وزن الدليل المؤيد نفسه، حتى لو كان في ذلك تغيير لمنطلقات البحث الأساسية؛ لأن هدف الباحث الأول هو الوصول إلى الحقيقة (٢) .

ويؤكد آخر بأنه ينبغي للعالم أن يكون كالقاضي النزيه الذي يسعى وراء الأدلة التي تنفي آراءه أكثر من تلك التي تؤيدها (٣) .

ولبيان خطورة الأدلة المضادة على نتائج أي بحث علمي، سنقتطف هذين النصين، أحدهما للدكتور توفيق الطويل يقول فيه: ((إن الأمثلة الإيجابية - أي التي تؤيد صحة فرض من الفروض - لا تكفي لإثبات صدقه؛ لأن الشواهد السلبية التي تنفي صحته أهم في مجال الاختبار والتمحيص من الشواهد المؤيدة


(١) الأخلاق النظرية (ص ١٩٠ -١٩١) .
(٢) كيف تكتب بحثاً (ص ٣١ - ٣٢) .
(٣) فلسفة العلوم (ص٩٤) .

<<  <   >  >>