للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقيل ٩٥، وقيل ٩٦، وقيل ٩٧ ? (١) . فعلى الرأي الراجح يكون عمره حين مات نافع في الرابعة والعشرين، وعلى أبعد الأقوال يكون عمره في العشرين، ومالك كنافع كلاهما من أهل المدينة، فهل يمتنع في العقل أن يكون تتلمذ عليه وسمع منه، أليس في زمننا أناس كثر يتخرجون في الجامعة وهم في الثانية والعشرين من عمرهم أو أقل؟!

إن المثالين اللذين ذكرتهما عن استعمال " شاخت " للشك غير المنهجي هما غيض من فيض شكوك تفتقر لمقومات الشروط المعتبرة في الشك المنهجي، ولكن المقام لا يحتمل الاسترسال في ذكر الشواهد والرد عليها.

ولابد هنا من التذكير بأن المنهج العلمي الصحيح لا يقر الخلط بين الشك المنهجي والرفض العلمي المبني على دليل؛ لأن الشك يكون مشروعاً ومطلوباً في البحث العلمي بوصفه خطوة أولى هدفها هو التثبت في الأمر، ولا يحق للباحث أن يرفض كل -أو بعض- ما يدَّعيه مخالفه من أدلة تدعم رأيه لا لشيء إلا؛ لأنها تؤيد رأيه، ذلك لأن للمخالف أيضاً أن يعامله بالمثل فيقول له: إنما رفضت دليلي؛ لأن قبوله يضعف رأيك، ونصرت غيره؛ لأنه يؤيد وجهة نظرك، فلابد للشك حتى يكون علمياً من معايير موضوعية علمية بعيدة عن الذاتية والتحيز (٢) .


(١) ترتيب المدارك (١ / ١١٠) .
(٢) من طرائف ما وقفت عليه أن تلميذ المستشرقين المخلص " طه حسين " الذي توسع في تطبيق الشك في دراساته الأدبية، وجدته ينعى على المستشرقين سوء استعمالهم للشك حين تكون بحوثهم تتعلق بالرسول صلى الله عليه وسلموسيرته، بينما موقفهم من شعر أمية بن الصلت موقف المتيقن المطمئن مع أن أخباره ليست أدنى إلى الصدق ولا أبلغ في الصحة من أخبار السيرة النبوية، ثم يتساءل بتعجب: فما سر هذا الاطمئنان الغريب إلى نحو من الأخبار دون الآخر؟ أيكون المستشرقون أنفسهم لم يبرؤوا من هذا التعصب الذي يرمون به الباحثين من أصحاب الديانات. انظر في الأدب الجاهلي (ص ١٤٣) .

<<  <   >  >>