للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والنهي عن المنكر، وهذه الأمور لا تتسق مع أخلاق الكذابين، وفي ذلك يقول الفيلسوف الألماني " كانت ": ((من نسيج الإنسان الفاسد لم يُصنع أي شيء مستقيم أبداً)) (١) .

ويقول المستشرق " مونتجمري وات " مستدلاً بالتاريخ الأخلاقي، بوصفه حجة قوية على إخلاص محمد صلى الله عليه وسلم وصدقه: ((إن الاعتقاد في إخلاص محمد تسنده حجة قوية، فاستعداده لأن يتحمل الأذى في سبيل معتقداته، والمستوى الأخلاقي الرفيع الذي اتصف به الرجال الذين آمنوا به واتخذوه إماماً، وعظمة المنجزات التي انتهى إليها، كل هذا ينم عن استقامته)) (٢) .

فكيف يريدنا " شاخت " أن نصدق أن أولئك العلماء الذين لم يُطعن عليهم في نزاهتهم الدينية، وتقواهم، ووفائهم بالعهود، وصدق تدينهم، كانوا يسكتون على كذب بعضهم البعض، ولماذا لا نجد في كتب الجرح والتعديل أو التاريخ والسير وصفهم لبعضهم البعض بالوضع والكذب، إذا كانت الحال كما يزعم " شاخت "؟

٤ - إذا كان المحدثون والفقهاء تعمدوا الوضع والكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم، فلماذا إذن اهتموا بنقد الأحاديث؟، ولماذا تعبوا كل هذا التعب في نقد الراوة والتصنيف في علم الجرح والتعديل والعلل، مادام كله كذباً؟!

٥ - لو كان الأمر كما يزعم " شاخت " أن علماء المسلمين كانوا إذا احتاجوا في مسألة إلى دليل وضعوا سنداً لأحد آراء الفقهاء، ونسبوه لرسول


(١) الأعمال الكاملة لكانت (٨/٢٣) ط برلين، نقلاً عن كتاب نسيج الإنسان الفاسد (ص ٥) .
(٢) الوحي الإسلامي في العالم الحديث، نقلاً عن مناهج المستشرقين (١/ ٢١٠) .

<<  <   >  >>