للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المصطفى صلى الله عليه وسلم، ومن هؤلاء تلميذه المستشرق " كولسون " الذي صرح بمعارضته لرأي أستاذه مستدلاً على رأيه بقوله: ((إن القرآن كان قد أثار قضايا اهتم بها المجتمع الإسلامي اهتماماً مباشراً بطبيعة الحال، ولا بد أن النبي صلى الله عليه وسلم نفسه اضطر لتناولها بحكم سلطته السياسية والتشريعية في المدينة ... وحينما يجحد - يعني " شاخت " - صحة كل حكم منسوب في الواقع للنبي صلى الله عليه وسلم فإن فجوة ستنشأ - أو تختلق بالأحرى - في تصور تطور التشريع الإسلامي في المجتمع المسلم الباكر، ومن منطلق واقعي، بأخذ الظروف التاريخية السائدة آنذاك في الحسبان، فإنه يبدو من الصعب التسليم بهذا الفهم المؤدِّي لمثل هذه الفجوة ... واقتراحي هو أن مادة أحاديث كثيرة-وبخاصة تلك التي تتناول مشكلات يتكرر ظهورها وتثيرها التشريعات القرآنية- قد تعبر حقيقة في أقل تقدير عما يقترب من حكم النبي صلى الله عليه وسلم الذي حفظه النقل الشفهي العام في أول الأمر)) (١) .

لا يمكن لأحد أن يزعم أن " شاخت " لم يكن مطلعاً على القرآن، وملماً بكلياته العامة ومبادئه الأساسية، ولذا كان تجاهله لنصوص القرآن في تقرير تلك المسألة خطأ منهجياً مرفوضاً حتى مِنْ قِبَلِ معجبيه ومؤيديه كما رأينا.

ومن أمثلة تجاهل هذا المستشرق للأدلة المضادة لآرائه، قاعدته التي ذكرناها فيما تقدم وفحواها: ((السكوت عن الحديث في موطن الاحتجاج دليل على عدم وجوده)) (٢) .


(١) في تاريخ التشريع الإسلامي (ص ٩٤) .
(٢) توثيق الأحاديث النبوية نقد قاعدة شاخت (ص ٦٩٧) .

<<  <   >  >>