للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

في بيان الاعتقاد على وتيرة واحدة، ونمط واحد يجرون فيه على طريقة لا يحيدون عنها ولا يميلون فيها، قولهم في ذلك واحد ونقلهم واحد، لا ترى بينهم اختلافاً ولا تفرقاً في شيء ما وإن قلَّ، بل لو جمعت جميع ما جرى على ألسنتهم ونقلوه عن سلفهم وجدته كأنَّه جاء من قلب واحد، وجرى على لسان واحد، وهل على الحق دليل أبين من هذا؟ قال الله تعالى: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءَانَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً} ١، وقال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا} ٢.

وأما إذا نظرت إلى أهل الأهواء والبدع رأيتهم متفرقين مختلفين أو شيعاً وأحزاباً لا تكاد تجد اثنين منهم على طريقة واحدة في الاعتقاد، يبدِّع بعضهم بعضاً، بل يرتقون إلى التكفير يكفر الابن أباه، والرجل أخاه، والجار جاره، تراهم أبداً في تنازع وتباغض واختلاف، تنقضي أعمارهم ولم تتفق كلماتهم {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ} ٣ ... ".

قلت: وقد نقلت هذا النص على طوله ليعلم طالب الحق من هم أهل السنة والجماعة وما هو نعتهم وما حليتهم، وليعلم من هم أهل البدعة وما هو نعتهم وصفتهم ليميز الخبيث من الطيب، والباطل من الحق، والغث من السمين فإنَّ الأدعياء كثيرون.

وليس أحد من أهل الأهواء والبدع يقول قولاً أو يرى رأياً إلا ويدعي أنَّه هو الحق الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن ذلك قول الكاتب المتقدم:


١ سورة النساء، الآية ٨٢.
٢ سورة آل عمران، الآية ١٠٣.
٣ سورة الحشر، الآية ١٤.

<<  <   >  >>