فالأستاذان يثبتان لمحمد بن سعود ابنة شاعرة، وهي على صحة نسبة البيتين إليها ذات همة عالية وشجاعة، وتطلع إلى معالي الأمور، وتحريض على مجاهدة أعداء الدعوة.
ولكنني وإن كنت لا أنكر وجود بنت لمحمد بن سعود تتصف بحميد الصفات ألاحظ - بعد اختلاف الرواتين في نص البيتين، ووقوع الخلل في وزنهما - مخالفة اللهجة فيهما للهجة سكان العارض ووسط نجد، فكلمة (مثله) التي يرجع الضمير فيها إلى (الخيل) جاءت مطابقة للهجة أهل شمال نجد بلاد القصيم وما حولها، فهم الذين يحذفون الألف من ضمير المؤنث على قاعدة:(بالكرامة ذات أكرمكم الله به، والفضل ذي أكرمكم الله به) . بخلاف لهجة غيرهم من بلاد نجد، فهم لا يحذفون تلك الألف.
وأمر آخر اتفق عليه الأستاذان الكريمان، وهو تقرير أن عثمان بن معمر كان يغزو الدرعية في أول دعوة الشيخ، وهذا الأمر - فضلاً عن كون مؤرخي الدعوة ممن اطلعت على كلامهم لم يذكروه - يخالف ما هو معروف من أن المدة الواقعة بين انتقال الشيخ إلى الدرعية، ووفود عثمان بن معمر عليه فيها، وتجديد بيعته كانت من حيث القصر بحيث لا تتحمل شن غارات الحرب، فقد انتقل الشيخ سنة ١١٥٧ هـ ووفد عليه ابن معمر في تلك السنة. فإذا صح وقوع شيء من الغارات فهو حين كان العداء مستحكما بين العيينة وبين الدرعية بعد سنة ١١٣٨ هـ التي وقع فيها الوباء الذي أفنى أكثر سكان العيينة فأضعفها، فغزاها أهل الدرعية وأميرهم زيد بن مرخان سنة ١١٣٩هـ، فقتل، واستولى على الإمارة محمد بن سعود، ولكن العيينة استعادت قوتها في عهد عثمان بن عبد الله بن حمد بن معمر الذي تولى الإمارة بعد قتل أخيه محمد سنة ١١٤٢ هـ، واستجاب لدعوة الشيخ في أول عهدها.
وأعود لذكر ابنة محمد بن سعود، فبعد التصافي والاتفاق بين الأسرتين الكريمتين الأسرة المقرنية١ والأسرة المعمرية، ببركة الدعوة الإصلاحية التي قام بها الإمام المجدد الشيخ محمد، تقوت الأواصر بالتزاوج بينهما، فزوج عثمان بن ناصر بن عبد الله
١ من كلمات الاعتزاء التي كان الملك عبد العزيز - رحمه الله - يرددها إذا حزبه أمر من الأمور: (أنا ابن مقرن) و (أنا أخو نورة) و (أنا أخو الأنور) و (أنا ابن فيصل) .