للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلا إله إلا الله ما أشبه حال الأكثرين من هذه الأمة بلك الأمم لما دعوا إلى هذا التوحيد الذي هو أصل دين الإسلام وهو دين الله الذي لا يقبل من أحد دينا سواه وبه أرسل جميع الرسل وأنزل به جميع الكتب كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الانبياء:٢٥] وقال تعالى: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ} [هود:٣] .

إلى أمثال هذه الآيات وقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قال لقومه قولوا لا إله إلا الله تفلحوا قالوا {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} ١ [صّ:٥] كما هو مذكور في القرآن العزيز.

فأي دليل أصرح وأوضح وأبين من هذه الأدلة علة أن الرسل من أولهم إلى آخرهم إنما بعثوا بإخلاص العبادة لله تعالى والنهي عن عبادة كل ما سواه وهذا هو التوحيد الذي جحدته الأمم وهو الذي خلق الله له الخليقة من الثقلين كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: ٥٦] قال علي رضي الله عنه – في هذه الآية- إلا لآمرهم أن يوحدون.

وقد عرفت أن هذا هو أصل الدين الذي هو أساس الملة قال تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ} [الروم: ٤٣,٤٢] وقال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الزخرف: ٢٨,٢٧,٢٦] أي: إلى٢ لا إله إلا الله.

والخليل عليه السلام أتى بمضمون هذه الكلمة بقوله: إنني براء مما تعبدون غلا الذي فطرني وأبدى سبحانه وتعالى وأعاد في هذا الكتاب المجيد في النهي عن الشرك


١ أخرجه الطبري في التفسير ٢٣/١٢٥ عن ابن عباس وأصله عند أحمد في المسند ٣/٤٩٢, ٤/٣٤١ من حديث ربيعة بن عباد الديلي.
٢ "ط": إلى. ساقطة.

<<  <   >  >>