وقال تعالى:{فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ}[العنكبوت: ١٧] وهذا من عطف العام على الخاص وقال تعالى: {فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ}[النحل: ٥١]{فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ}[العنكبوت: ٥٦]{وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ}[البقرة: ٤١] .
كما قال تعالى:{وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ}[الشرح: ٨] وقال: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}[الكوثر: ٢] وتقديم المعمول في هذه الآيات يفيد الحصر أي: غيري وقال تعالى: {فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ}[المائدة: ٣] وقال: {فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ}[آل عمران: ١٧٥] .
وهذه الآيات وما في معناها: تدل على أن الله تعالى إنما أراد من عباده أن يوحدوه بأعمالهم وأن لا يجعلوا له شريكا في العبادة كما قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً}[الكهف:١١٠] وقال: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي}[طه:١٤] وقال موسى عليه السلام لبني إسرائيل لما عبدوا العجل {إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً}[طه: ٩٨] .
وقال تعالى:{وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ}[الأنعام: ١٢١] وهذا هو الشرك في الطاعة كما قال تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ}[التوبة: ٣١] فذكر في هذه الآية الشرك في الطاعة والشرك في الألوهية وهذا بين من حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه١.
١ أخرجه الترمذي في الجامع رقم ٣٠٩٤ وحسنه في بعض النسخ, وابن جرير في التفسير رقم ٦١٦٣٢ وابن أابي شيبة في المصنف ١٣/٤١١, وانظر بقية التخريج في كتاب الانتصار