للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خبط عشواء وقد تضمنت رسالته من الأحبولات للجهال والتلبيس على من عقولهم: كعقول الأطفال فمن ذلك:

أنه أكثر الحط على من يقول على الله بلا علم ولا شك أن ذلك من أكبر الذنوب وأعظم المثالب والعيوب ولكنه اتزر بما عابه من ذلك وارتدى ف آخر مقاله والابتداء وهكذا حال من لا علم لديه ولا دراية له تنسب إليه فتراه يعيب أمرا وهو يتقلب فيه فتارة يظهره وتارة يخفيه وكل إناء ينضح بالذي فيه. فتأمل ما يأتيك١ من جوابه تجد٢ عجبا.

ثم إنه قال: والمسألة المشار إليها والمسؤول عنها هي التي غصت بها الحناجر وأسبلت على الخدود دموع المحاجر وهي قول الجهال الطغام: من أقام ببلد قد استولى عليها العساكر ولا عنها يهاجر فهو كافر.

فالجواب: أن هذا قول مختلق ولا نعلم قائلا به على الإطلاق كما زعم صاحب الورقة وهذا من بهرجه وزبرجه٣ وتهويله. أسوة أمثاله ممن يفتري على المسلمين ويقولهم: ما لا يقولون٤ ليدفع بهذا عن نفسه الشناعة. وليس بنافعه شيئا بل هو عين الضرر عليه لأنه تشبث بما لا يجدي. وليس عند أهل الأهواء إلا التلبيس والشكوى لما تلطخوا به من العيوب والأسوى إذ ليس معهم حق يعتمد عليه ولا برهان لهم تطمئن نفوسهم إليه فترى أحدهم ضيق الصدر والبال لأن بضاعته إنما حقيقتها الشكوك والخيال. بخلاف صاحب الحق فإن مه من البصيرة والعلم واليقين ما يدفع الشك والالباس ويهون عليه مؤنة المعارضين من الناس.

وأكبر هم المؤمن ما بينه وبين ربه يرجو رحمته ويخاف عقوبة ذنبه كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} [المؤمنون:٦٠] الآية.


١ "ط": سيأتيك.
٢ "ط":ترى.
٣ البهرج: الباطل الرديء, والزبرج: السحاب الرقيق الذي لا غناء فيه.
٤ "ط": ما لم يقولوا.

<<  <   >  >>