كتاب المطلب الحميد في بيان مقاصد التوحيد

الرد على احمد بن علي بن احمد بن سليمان المرائي - ص: 134

وقال ابن إسحاق: وكانت بنو مخزوم يخرجون بعمار بن ياسر وبأبيه وأمه رضي الله عنهم – وكانوا أهل بيت إسلام – إذا حميت الظهيرة يعذبونهم برمضاء مكة فيمر بهم رسول الله صلى لله عليه وسلم فيقول فيما بلغني "صبرا يا آل ياسر فإن موعدكم الجنة" فأما أمه فقتلوها وهي تأبى إلا الإسلام.

قال وحدثني حكيم بن جبير عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس أكان المشركون يبلغون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من العذاب ما يعذرون به في ترك دينهم قال نعم والله إن كانوا ليضربون أحدهم ويجيعونه ويعطشونه حتى ما يقدر على أن يستوي جالسا من شدة الضرر الذي به حتى يعطيهم ما سألوه من الفتنة افتداء منهم مما يبلغون من جهدهم١.

قال العماد بن كثير٢ والأفضل والأولى أن يثبت المسلم على دينه ولو أفضى إلى قتله كما ذكره الحافظ ابن عساكر في ترجمة عبد الله ابن حذافة السهمي – أحد الصحابة- أنه أسرته الروم فجاؤوا به إلى عند ملكهم فقال له: تنصر وأنا أشركك في ملكي وأزوجك بنتي فقال: لو أعطتني جميع ما تملك وجميع ما تملكه العرب عن أرجع عن دين محمد صلى الله عليه وسلم طرفة عين ما فعلت فقال إذا أقتلك. قال: أنت وذاك. قال: فأمر به فصلب وأمر الرماة فرموه قريبا من يديه ورجليه وهو يعرض عليه٣ دين النصرانية فأبى ثم أمر به فأنزل ثم أمر بقدر- وفي رواية ببقرة من نحاس- فأحميت وجاءوا بأسير من المسلمين فألفاه وهو ينظر فإذا هو عظام يلوح وعرض عليه فأبى فأمر٤ به أن يلقى فيها فرفع في البكرة ليلقى فيها فبكى. فطمع فيه ودعاه فقال: إني٥ إنما بكيت لأن نفسي إنما هي نفس واحدة تلقى في هذا القدر الساعة في الله

فأحببت أن يكون [لي] ٦ بعدد كل شعرة في جسدي نفس تعذب هذا العذاب في الله.

---

١ السيرة لابن هشام ١/٢٧٩.
٢ كتب في هامش الأصل مانص: قف رحمك الله وتدبر.
٣ الأصل و "ط": على. والمثبت من التفسير.
٤ "ط": ثم أمر.
٥ "ط": إني. ساقطة.
٦ إضافة من التفسير.