أولهم في عصر التابعين. وأولهم الجعد بن درهم أنكر الصفات وزعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا ولم يكلم موسى تكليما فضحى به خالد بن عبد الله القسري أمير واسط يوم الأضحى وظهر بعده جهم بن صفوان الذي تنسب إليه الجهمية وهذا المذهب وهذا المذهب الخبيث: انتشرت مقالته في خلافة المأمون بن الرشيد فعطلوا الصفات ونفوا الحكمة وقالوا بالجبر.
فهذه الطوائف الثلاث هم أصل الشر في هذه الأمة وصارت فتنة الجهمية أكثر انتشارا ودخل فيها من يدعي أنه على السنة وليس كذلك فخالف الكتاب والسنة وسلف الأمة وأئمتها وعم ضررهم فجحدوا الصفات وتوحيد الألوهية الذي بعث الله به رسله وأنزل به كتبه فهم خصوم أهل التوحيد والسنة إلى اليوم فإياكم أن تغتروا بمن هذه حاله- ولو كان له صورة ودعوى في العلم- ممن امتلأ قلبه من فرث التعطيل وحال بينه وبين فهم الأدلة الصحيحة الصريحة شبهات التأويل.
قال الإمام أحمد رحمه الله: أكثر ما يخطيء الناس من جهة التأويل والقياس. فصنف المتأخرون من هؤلاء على مذهبهم الفاسد مصنفات: كالأرجوزة التي يسمونها جوهرة التوحيد وفيها إلحاد وتعطيل لا يجوز النظر إليها ولم مصنفات أخرى نفوا فيها علو الرب تعالى والكتاب والسنة يردان بدعتهم ويبطلان مقالتهم فإن الله تعالى أثبت استواءه على عرشه في سبعة مواضع من كتابه كقوله: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً} وقوله: {تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} ، {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ}{إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} ، {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ} إلى غير ذلك من أدلة الصفات الصريحة في الكتاب والسنة ولا تتسع هذه الرسالة لذكرها.
وهذه الطائفة التي تنتسب إلى أبي الحسن الأشعري وصفوا رب العالمين بصفات المعدوم والجماه فلقد أعظموا الفرية على الله وخالفوا أهل الحق من