إن هذا هو أهم الأمور وأوجبها على الخلق كما في الحديث "رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد" وكان من هديه صلى الله عليه وسلم أن يبعث عماله ويرسل رسائله إلى أهل الأرض ويدعوهم إلى هذا يبدأ به قبل كل شيء ولا يأمر بشيء من الأركان إلا بعد التزامه ومعرفته كما دل عليه حديث معاذ لما بعثه إلى اليمن وغيره من الأحاديث.
وفي أوقاتنا بعد العهد بآثار النبوة وطال الزمن وكاد يشبه زمن الفترة لغلبة الجهل وشدة الغربة. وقد من الله على هذه الأقطار بشيخ الإسلام رحمه الله: فقام بتجديد الدين وتمهيد قواعد الملة أتم قيام حتى ظهر بحمد الله منار التوحيد والإسلام ووازره على ذلك من أسلافكم وأعمالكم من وازره رحمة الله عليهم أجمعين وبعدهم حصل من الناس ما لا يخفى من الأعراض والإهمال وعدم الرغبة والتنافس فيما أوجبه الرب من توحيده وفرضه على سائر عبيده وقل الداعي إلى ذلك والمذكر به والمعلم له في القري والبوادي والتساهل في هذه الأمور العظام التي هي آكد مباني الإسلام يوجب للرعية أن يشب صغيرهم ويهرم كبيرهم على حالة جاهلية لا يعرف فيها الأصول الإيمانية والقواعد الإسلامية والله سائلنا وسائلك عن ذلك كل بحسب قدرته وطاقته والجهل والظلم غالب على النفوس ولها وللشيطان حظ كبير في ذلك والنفوس الجاهلية المعرضة عن العلم النبوي يسرع إليها الشرك والتنديد أسرع من السيل إلى منحدره.
والواجب مراعاة هذا الأصل والقيام فيه وبعث الدعاة إليه وجعل أموال الله التي بأيديكم آلة له ووقاية وحماية وإعانه فإن هذا من أفرض الفرائض والزمها ولم تشرع الإمامة والإمارة إلا لأجل ذلك والقيام به.
وبقاء الإسلام والإيمان في استقامة الولاة الأئمة على ذلك وزوال الإسلام والإيمان وانقضاؤه بانحرافهم عن ذلك وجعل الهمة والأموال والقوة مصروفة في غيره مقصودا بها سواه من العلو والرياسة والشهوات ولذلك وقع في آخر بني العباس ما وقع من