وفقنا الله وإياهم لإقامة شرائع الدين واستعملنا فيما استعمل فيه أهل الإيمان واليقين وجعلنا من الشاكرين لنعمة الإسلام المثنين بها عليه ونسأله أن يتقبلها منا ويتمها علينا رغبة فيما يوجب الفوز لديه سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد: فأوصيكم وإياي بتقوى الله تعالى في الغيب والشهادة قال الله تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنْ اتَّقُوا اللَّهَ} الآية. قال طلق بن حبيب رحمه الله: التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجوا ثواب الله وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله.
ولا وصية أعظم ولا أنفع مما وصى الله به عباده المؤمنين قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ *وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ *وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ* وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} وينبغي أن نشير إلى بعض ما ورد عن السلف رحمهم الله تعالى في معنى هذه الوصية العظيمة المتضمنة لأصول الدين.
حق تقاته أن يطاع فلا يعصى ويذكر فلا ينسى ويشكر فلا يكفر.
وأصل الإسلام وأساسه أن ينقاد العبد لله تعالى بالقلب والأركان مذعنا له بالتوحيد مفردا له بالآلهية والربوبية دون كل ما سواه مقدما مراد ربه على كل ما تحبه نفسه وتهواه وهذا معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم:"الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكات وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا" الحديث. وحبل الله دينه أمركم به وعهده إليكم في كتابه في الألفة والاجتماع على كلمة الحق والتسليم لأمر الله قال أبو جعفر