ِلأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ*إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ *وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ} وهي لا إله إلا الله وقد افتتح قوله: بالبراءة مما كان يعبده المشركون عموما ولم يستثن إلا الذي فطره وهو الله تعالى الذي لا يصلح شيء من العبادة إلا له ونوع تعالى البيان لمعنى هذه الكلمة في آيات كثيرة يتعذر حصرها كقوله تعالى {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ} والكلمة هي لا إله إلا الله بالاجماع ففسرها بقوله: {سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} أي نكون فيها سواء علما وعملا وقبولا وانقيادا فقال {أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا} فنفي ما نفته لا إله إلا الله بقوله: {أَلاَّ نَعْبُدَ} وأثبت ما أثبته لا إله إلا الله بقوله: {إِلاَّ اللَّهَ} وقال {أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ} فهذا أعظم أمر أمر الله به عباده وخلقهم له ففي قوله: {أَلاَّ تَعْبُدُوا} نفي الشرك الذي نفته لا إله الا الله وقال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلاَ أُشْرِكَ بِهِ} فهذا هو الذي أمر به صلى الله عليه وسلم ودعا الناس إليه وهو إخلاص العبادة وتخليصها من الشرك قولا وفعلا واعتقادا وقد فعل صلى الله عليه وسلم ذلك ودعا الناس إليه وجاهدهم عليه حق الجهاد وهذا هو حقيقة دين الإسلام كما قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} بين تعالى أن توحيد الألهية هو الإسلام والأعمال كلها لا يصلح منها شيء إلا بهذا التوحيد وهو أساس للملة ودعوة للمرسلين والدين كله من لوازم هذا الأصل وحقوقه وقد قال تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} فمن تدبر القرآن وتذكر به عرف حقيقة دين الإسلام الذي أكمله الله لهذه الأمة كما قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلاَمَ دِينًا} هذا ما ننصحكم به وندعوكم إليه وبالله التوفيق وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.١