ولما قدم عدي ابن حاتم رضي الله عنه عند النبي صلى الله عليه وسلم بعد فراره إلى الشام وكان قبل مقدمه على النبي صلى الله عليه وسلم نصرانيا فلما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم مسلما تاى هذه الآية {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} قال يارسول الله لسنا نعبدهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم أليسوا يحلون لكم ما حرم الله فتحلونه ويحرمون عليكم ما أحل الله فتحرمونه قال بلى قال: فتلك عبادتهم.
ففيه بيان من أشرك مع الله غيره في عبادته وأطاع غير الله في معصيته فقد اتخذه ربا ومعبودا وهذا بين بحمد الله.
فلو تأمل هذا الجاهل المعترض قول الله تعالى:{مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ} لعلم أن الله تعالى قد أنكر على النصارى قولهم: وفعلهم وعلى كل من عبد مع غيره بأي نوع كان من أنواع العبادة لكن هذا وأمثاله كرهوا التوحيد وألفوا الشرك وأحبوه وأحبوا أهله فترى مآب هذا الداء العضال إلى ما ترى من التخليط والضلال والاستغناء بالجهل ووساوس الشيطان فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ولا شفاء لهذا الداء العظيم إلا بالتجرد عن الهوى والعصبية والاقبال على تدبير الآيات المحكمات في بيان التوحيد الذي بعث الله به المرسلين كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} ومثل قوله تعالى {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} .
أمره تعالى أن يدعو أهل الكتاب إلى أن يخلصوا العبادة وحده ولا