الحمد لله، مُعِزّ الإسلام بنصره، ومُذِلّ الشرك بقهره، ومُصَرِّف الأمور بأمره، ومُسْتَدْرِج العاصين بِمَكْرِهِ، الذي أظهر دينه على الدين كله، القاهر فوق عباده فلا يُمَانَع، الظاهر على خلقه فلا يُنَازَع، الحكيم فيما يريد فلا يُدَافَع.
أحمده على إعزازه لأوليائه، ونصرته لأنصاره، وخفضه لأعدائه، حَمْدَ من استشعر الحمد باطن سره وظاهر جهاره. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد؛ شهادة مَن طهَّر بالتوحيد قلبه، وأرضى بالمعاداة فيه والموالاة ربَّه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، رافع الشك، وخافض الشرك، وقامع الكذب والإفك، اللهم صَلِّ على محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
(وبعد) : فاعلم أيها الطالب للسلامة، الساعي في أسباب تحصيل الفوز والكرامة، أني وقفتُ على رسالة لمن لم يُسَمِّ نفسه، مُشْعِرَة بأنه من بلاد الخَرْج١ متضمنة لأنواع من الكذب والمرج، جامعة لأمور من الباطل، لا يَسَعُ مسلمًا السكوتُ عليها خشيةَ أن يفتن بها بعض الجاهلين فيعتمد عليها، فإن كل عصر لا يخلو من قائل بلا علم، ومتكلم بغير إصابة ولا فهم.
وقد جعل الله في كل زمان فترة، بقايا من أهل العلم يدعون مَنْ ضَلَّ إلى الهدى، ويُبَصِّرُونَ بدين الله أهل العمى، ويحيون بكتاب الله الموتى، فكم من قتيل لإبليس قد أَحْيُوهُ، وتَائِهٍ ضالٍّ قد هَدُوهُ، فما أحسن أثرهم على الناس، وما أقبح أثر الناس عليهم،