يضاف إلى هذا احتجاج بعض خطباء الجمع، وعدد من: المؤلفين، والمحاضرين، والإعلاميين، وغيرهم، بأحاديث نبوية، بعضها ضعيف السند، وبعضها الآخر مرجوح، أو مختصر، من غير التزام ببيان الدرجة، أو المصدر.
إلى جانب ما يلاقيه جمهرة عامة المسلمين من الارتباك عندما تتعارض الآراء، والتوجّهات، وبخاصة إذا ما صحبها تعسف الإلزام، كعدد الركعات في قيام رمضان، وحكم الإمساك عن الصيام بعد النصف من شعبان، من الذين يلتزمون بظاهر الأحاديث التي وصل إليها حد عِلمهم، ووصفهم لمخالفيهم بصفات التجريح، والتجريم، والتفسيق، وربما التكفير، الأمر الذي خَلَّف في المجتمعات الإسلامية متشدداً مغالياً، وضائعاً يائساً، ومحتاراً بائساً.
إن صدور موسوعات بهذا المنهاج، أو ذاك، هو وصل لما انقطع من مسعى الآباء، والأجداد. ولن يلغي منهجٌ منهجاً آخر يغايره، بل يزيد كل منهما الثاني ألقاً، وإشراقاً.
ولن تتم الفائدة المرجوة، إذا استعجلنا قطف الثمار، وأخرجنا عملاً هزيلاً. إن التاريخ لا يسأل عن العمل: في كم تم؟ ولكن يسأل: كيف تم؟. ولا بُدَّ لنجاحه من أناة، وصبر، وسعة أفق، لا يهدر فيها الإتقان استعجالاً للزمن.
إن تاريخنا التصنيفي يظهر أن العمل الفردي - وإن شابه شيء من النقص أحياناً - فهو أنفذ عملاً، وأقرب منالاً، وأيسر قصداً في الإنجاز. ففي إبان دراستي في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بمكة المكرمة عام (١٣٨٩هـ) لمست حاجة كثير من المسلمين إلى مصنف يجمع بين دفتيه كل ما ينبغي أن يعلمه المسلم من أمور دينه، وتاقت نفسي إليه. وسألته تعالى أن يهيئ لي الأسباب؛ فيوجهني إلى ما يحبه، ويرضاه.