للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

- فمن هذه الحالات حداثة العهد بالكفر، كما جاء في حديث ذات أنواط الذي سبق ذكره. يقول شيخ الإسلام رحمه الله:" لكن من الناس من يكون جاهلا ببعض هذه الأحكام جهلا يعذر به، فلا يحكم بكفر أحد حتى تقوم عليه الحجة من جهة بلاغ الرسالة، كما قال تعالى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} ، ولهذا لو أسلم رجل، ولم يعلم أن الصلاة واجبة عليه، أو لم يعلم أن الخمر حرام، لم يكفر بعدم اعتقاد إيجاب هذا، وتحريم هذا، بل ولم يعاقب حتى تبلغه الحجة النبوية" (١) .

ويقول ابن حزم رحمه الله: " ولا خلاف في أن امرءا لو أسلم- ولم يعلم شرائع الإسلام- فاعتقد أن الخمر حلال، وأن ليس على الإنسان صلاة، وهو لم يبلغه حكم الله تعالى لم يكن كافرا بلا خلاف يعتد به، حتى إذا قامت عليه الحجة فتمادى حينئذ بإجماع الأمة فهو كافر" (٢) .

-ومنها أن ينشأ في منطقة نائية، أو بادية بعيدة، لا تشتهر فيها شرائع الإسلام ولا تظهر فيها أصوله، ثم هو مع ذلك لا يستطيع- لمانع شرعي معتبر- أن يرحل إلى البلاد التى يمكنه فيها أن يتعلم دين الإسلام.

- ومنها أن يكون مصابا بعاهة بدنية تعوقه عن تعلم أصول الدين وشرائعه. ويستأنس في هذا الباب بحديث الأربعة الذين يحتجون يوم القيامة وهم كما في الحديث:" رجل أصم لا يسمع شيئا ورجل أحمق، ورجل هرم، ورجل مات في فترة " الحديث (٣) .

- ومنها اندراس العلم وذهابه، فيعذر العبد بما لم يبلغه من الدين، كما في حديث حذيفة الذي سبق ذكره، وفيه مجادلة صلة بن زفر له. فهذه بعض الحالات التي تكلم عليها العلماء، "وليقس ما لم يقل".

٣- شرط اعتبار الجهل مانعا من التكفير:


(١) - مجموع الفتاوى: ١١/٤٠٦.
(٢) - نقله في نواقض الإيمان:٦١ عن المحلى لابن حزم.
(٣) - رواه أحمد والبزار والطبراني وقال الهيثمي: "رجاله رجال الصحيح".

<<  <   >  >>