للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وإنما أكثرت من نقل الآيات القرآنية الدالة على هذا الأصل السُّنِّي، خلافا للمعهود في هذا الكتاب، دفعا لما يمكن أن يتوهم من أن هذا الأصل لا تشهد له سوى آية سورة الإسراء، فتردَّ دلالتها بنوع من التأول. والحق - كما رأيت - أن الآيات في هذا الباب كثيرة جدا، وواضحة الدلالة على المقصود.

ومن الأدلة حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:" والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار " (١) .

قال العراقي في "طرح التثريب": " ومفهومه أن من لم تبلغه دعوة الإسلام فهو معذور على ما تقرر في الأصول أن لا حكم قبل ورود الشرع على الصحيح" (٢) .

وعلى العموم فهذا أصل مقرر عند أهل السنة والجماعة، كما ينقله اللالكائي. وغيره من أئمة أهل السنة.

ويقول شيخ الإسلام رحمه الله:" وهذا أصل لابد من إثباته، وهو أنه قد دلت النصوص على أن الله لايعذب إلا من أرسل إليه رسولا تقوم به الحجة عليه.- ثم ذكر رحمه الله مجموعة من الآيات القرآنية التي ذكرتها آنفا، ثم قال: وإذا كان كذلك فمعلوم أن الحجة إنما تقوم بالقرآن على من بلغه كقوله: {لِأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} ، فمن بلغه بعض القرآن دون بعض قامت الحجة بما بلغه دون ما لم يبلغه" (٣) .

ويقول ابن القيم رحمه الله:" وأما كفر الجهل مع عدم قيام الحجة، وعدم التمكن من معرفتها، فهذا الذي نفى الله التعذيب عنه حتى تقوم حجة الرسل" (٤) .

المسألة الثانية: صفة إقامة الحجة الرسالية:


(١) - رواه مسلم في كتاب الإيمان برقم: ١٥٣ (ص٨٥) .
(٢) - طرح التثريب: ٧/١٦٠.
(٣) - الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح: ١/٣٠٩-٣١٠.
(٤) - طريق الهجرتين: ٦١١.

<<  <   >  >>