للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فالحاصل أن المذهب الحق الذي "يخرج من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين" (١) ، هو أن العقل يمكنه أن يستقل بإدراك الحسن والقبح الذاتيين في الأفعال، ولكن لاعقاب ولاحساب قبل ورود الشرع.

ويترتب على الخلاف السابق، الخلاف في أهل الفترات ومن في حكمهم، أو في حال غياب المجتهدين (٢) ، فعند المعتزلة يكلف الناس في هذه الحالات بمقتضى العقل، ويتفرع على ذلك آثار كثيرة جدا.

المسألة الرابعة: هل تقوم الحجة بالفطرة أوالميثاق؟

المقصود بالفطرة ما يولد عليه الإنسان، كما في قوله عليه الصلاة والسلام: " ما من مولود يولد إلا على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء؟ ثم يقول أبو هريرة- راوي الحديث- اقرؤوا: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} " (٣) .


(١) - هكذا وصفه الشيخ بخيت مطيعي في سلم الوصول:
(٢) - على القول بجواز خلو الزمان عن مجتهد، والمسألة محل خلاف عند الأصوليين.
(٣) - رواه البخاري في الجنائز-باب إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه، برقم: ١٣٥٨ (٢٦٣) ، ومسلم في كتاب القدر برقم: ٢٦٥٨ (ص١٠٦٦) .

<<  <   >  >>